للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر بن يحيى الهنتاني، لعلو منزلته بين الموحدين، وكان يعتبر ثاني رجل في الدولة بعد عبد المؤمن، وكان من المتفق، يوم تولى عبد المؤمن الخلافة، أن يلي عمر الأمر من بعده، ومن ثم فإن عبد المؤمن أجاب من طالبوه بترشيح ولده، أن الأمر ليس له، وإنما هو لأبى حفص عمر. فلما وقف أبو حفص على ذلك، خشي عاقبة هذا التوريط، فمثل أمام عبد المؤمن وأعلن خلع نفسه من الولاية، فعندئذ بويع لمحمد بن عبد المؤمن بولاية العهد، وكتب بذلك إلى جميع الجهات، وذكر اسمه في الخطبة إلى جانب اسم أبيه (١).

ولم يكتف عبد المؤمن بهذه الخطوة الحاسمة في تحقيق ولاية العهد لولده ولكنه قرنها في نفس الوقت (سنة ٥٤٩ هـ) بخطوة أخرى، هي تولية أولاده حكم البلاد، فندب ولده ووليّ عهده السيد أبا عبد الله محمد، لحكم بجاية وأعمالها، واستوزر له يخلف بن الحسين؛ وولده السيد أبا الحسين لحكم فاس وأعمالها، واستوزر له يوسف بن سليمان؛ وولده السيد أبا حفص لحكم تلمسان واستوزر له أبا محمد بن وانودين، وعين لكتابته الفقيه أبا الحسن بن عبد الملك ابن عياش؛ وولده السيد أبا سعيد لحكم سبتة ومالقة والجزيرة الخضراء، واستوزر له محمد بن سليمان وسعيد بن ميمون الصنهاجي، ومن الكتاب الفقيه أبا الحكم ابن هرودس، والفيلسوف أبا بكر بن طفيل. ويضع البيذق تاريخ هذه التولية في سنة ٥٤٨ هـ ويزيد على ذلك، أن الخليفة أعطى ولده يوسف حكم إشبيلية.

ولكن سنرى أن هذه التولية تمت بعد هذا التاريخ. وولى ولده أبا الربيع حكم تادلا، وولده أبا زيد أرض السوس، ويقدم إلينا البيذق بهذه الناسبة بعض البيانات عن أولاد الخليفة وأمهاتهم، فيقول لنا إن عمر ويوسف شقيقان وأمهما صفية بنت أبى عمران. وفي هذا العام أعني في سنة ٥٤٨ هـ، وُلد للخليفة ولده يعقوب بقصر عبد الكريم، وأمه جارية أهداها إليه ابن وزير، وولد عمر الرشيد في عرض البحر، وأمه من قادس، وكان أبو زيد عند ولايته صبياً صغيراً، وأمه لمطية من قبيلة لمطة. ومن أولاد عبد المؤمن أيضاً السيد اسماعيل، وأمه بنت ماكسن بن المعز، وعلي وأمه فاسية تدعى فاطمة، ومحمد وأخوه موسى وأمهما من بلاد السوس (٢).


(١) ابن الأثير ج ١١ ص ٧٩.
(٢) راجع أخبار ابن تومرت ص ١١٦ و ١١٧، وابن الأثير ج ١١ ص ٧٩، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٣٦، وروض القرطاس ص ١٣٦ و ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>