للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كان معتدل القامة، أسمر اللون، نحيف الجسم، خفيف العارضين، أكحل العينين، أقنى الأنف، جعد الشعر، رقيق الصوت (١).

وقد حكم يوسف بن تاشفين، أعظم امبراطورية إسلامية قامت في الغرب الإسلامي، فهو فضلا عن إنشاء الإمبراطورية المغربية الكبرى، ممتدة فيما بين تونس والمحيط، وما بين البحر وحدود السودان، قد انتهى بعد ظفره في موقعة الزلاّقة على جيوش اسبانيا النصرانية حسبما نفصل بعد، إلى افتتاح ممالك الطوائف الأندلسية، وبسط سيادة الدولة المرابطية المغربية على اسبانيا المسلمة، وبذا كانت تمتد امبراطوريته عبر البحر شمالا حتى سرقسطة في شمال شرقي اسبانيا، وحتى شنترين وأشبونة في قلب البرتغال.

وكان يوسف بن تاشفين في بداية أمره يلقب بالأمير، فلما فتح المغرب وترامت حدود مملكته، أراد بعض أشياخ المرابطين أن يحملوه على اتخاذ سمة الخلافة، فأبى واكتفى باتخاذ لقب أمير المسلمين، وناصر الدين، وأصدر مرسومه، بأن يدعى له بذلك اللقب، وذلك في سنة ٤٦٦ هـ (٢). وفي أواخر عهده، بعد أن ملك الأندلس، نصح له الفقهاء أن تكون ولايته من الخليفة لتجب طاعته على الكافة، فأرسل إلى الخليفة المستظهر بالله العباسي ببغداد، سفيراً ومعه هدية جليلة، وكتاب بما فتح الله عليه من الملك، وما أولاه من النصر، وطلب تقليده الولاية، فبعث إليه الخليفة بمرسوم الولاية، والخلع والتشاريف (٣) ومما يؤكد لنا انضواء يوسف تحت لواء الخلافة العباسية، ذكره في سكته لاسم الخليفة العباسي (٤).

- ٤ -

ننتقل الآن إلى تلك المرحلة الأخرى من حياة يوسف، وهي مرحلة تدخله في حوادث شبه الجزيرة الإسبانية، وهي مرحلة تتخذ في البداية طابع الجهاد في سبيل الله، ثم تنقلب بعد ذلك، إلى موجة جديدة من الفتح المرابطي.


(١) روض القرطاس ص ٨٧ و ٨٨، والحلل الموشية ص ١٢.
(٢) الحلل الموشية ص ١٦ و ١٧، وقد أورد لنا نص المرسوم.
(٣) ابن الأثير ج ١٠ ص ١٤٥.
(٤) روض القرطاس ص ٨٨، وابن خلدون ج ٦ ص ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>