للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان ذلك: أنك إذا قلت مثلا: "لا طالبين في الفصل" وكان فيه طالب واحد لم تكن كاذبا في قولك؛ لأنك إنما نفيت الكينونة في الفصل عن جنس المثنى أي: نفيت أن يكون فيه طالبان، ولم تنف أن يكون فيه طالب واحد, وإذا قلت: "لا طلبة في الفصل"، وكان فيه طالبان كنت صادقا أيضا؛ لأنك إنما نفيت الكينونة في الفصل عن جنس الجمع أي: نفيت أن يكون في الفصل طلبة، وأقل الجمع ثلاثة، فلم تنف إذًا أن يكون فيه طالب أو طالبان.

أما إذا قلت: "لا طالب في الفصل"، وكان فيه طالب واحد، أو اثنان أو ثلاثة، أو أكثر كنت كاذبا في قولك؛ لأنك نفيت الكينونة في الفصل عن هذا الجنس وهو يتناول جميع أفراده, فدل ذلك على أن استغراق المفرد أشمل من استغراق المثنى والجمع١.

وجملة القول في هذا: أن معنى الاستغراق شمول أفراد مدلول اللفظ، ومدلول صيغة المثنى "اثنان"، ومدلول صيغة الجمع "ثلاثة فأكثر"، ومدلول صيغة المفرد "الجنس"، والنفي منصب على مدلول كل من هذه الصيغ الثلاث لا يتعداه إلى غيره, غير أنه ورد على هذه القضية اعتراضان:


١ قيل: هذا منقوض بقولنا: لا يرفع هذا الحجر العظيم كل رجال، وبقولك: هذا الخبز يشبع كل رجال فإن ذلك أشمل من قولك: لا يرفع الحجر المذكور كل رجل، ومن قولك: هذا الخبز يشبع كل رجل إذ يلزم من عدم استطاعة الجمع عدم استطاعة الفرد كما يلزم من إشباع الجمع إشباع الفرد بخلاف العكس في المثالين, فلا ينبغي إذًا أن يطلق القول بأن استغراق المفرد أشمل بل تارة يكون اسغراقه أشمل وأخرى يكون استغراق غيره أشمل كما في المثالين المذكورين, وأجيب: بأن المراد الأشملية بحسب الوضع, وبالنظر إلى المدلول المطابقي والأشملية في المثالين بالالتزام؛ لأن الحكم على الكل يستلزم الحكم على كل واحد, على أن الكلام في الاستغراق المفاد أو بالجمع والمفيد للاستغراق في المثالين المذكورين لفظ "كل" بل قد يندفع هذا القيل من أساسه إذا اعتبرنا القضية جزئية بأن يكون المراد: واستغراق المفرد قد يكون أشمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>