للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولك: "أشعلت رأسي حنادس الدهر" فكل من الطرفين مستعمل في غير ما وضع له فأستعير "الإشعال" وهو إيقاد النار لانتشار الشيب في نواحي الرأس كما استعير "الحنادس" بمعنى الليالي المظلمة لما يقع في الدهر من أحداث جسام.

الثالث: أن يكون المسند حقيقة، والمسند إليه مجازا نحو: أنضج الثمر شباب الزمان، فالإنضاج مستعمل في حقيقته، وشباب الزمان في مجازه, ومثله قولك: قوست ظهري حنادس الأيام.

الرابع: أن يكون المسند مجازا، والمسند إليه حقيقة نحو: "أحيا الأرض الربيع" فالإحياء مستعمل في مجازه، والربيع في حقيقته, ومثله قولك: أشعلت رأسي الخطوب.

وجه الانحصار في هذه الأربعة ما تقدم في تعريف المجاز العقلي من أنه إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له من فاعل أو مفعول، وكلاهما يكون مفردا، وكل مفرد إما مستعمل في حقيقته، أو في مجازه.

يجري المجاز العقلي في النسب بأنواعها:

كما يجري المجز العقلي في النسب الإسنادية الخبرية, كما تقدم يجري أيضا في النسب الإضافية، والإيقاعية، والإنشائية.

فالإضافية: هي النسب الواقعة بين المضاف والمضاف إليه نحو: "سرني شفاء الطبيب المريض"، و"راعني إنبات الربيع البقل"، ونحو: "أدهشني جري النهر" و"هالني صوم النهار١" ... وهكذا، والأصل: شفاء الله المريض بسبب الطبيب، وإنبات الله البقل في وقت الربيع، وجري الماء في النهر، وصومي في النهار, ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق


١ إنما يقع المجاز في النسبة الإضافية إذا كانت الإضافة على معنى اللام إما إذا جعلت بمعنى "في" كانت حقيقة والمدار في هذا على قصد المتكلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>