للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هو له بالنظر لحال المتكلم والمخاطب معا، وقرينة المجاز، ونصبها على ما تقدم في الأمثلة السابقة١.

ولا بد لهذا المجاز من علاقة بين المسند إليه المجازي، والمسند إليه الحقيقي تسوغ إسناد الفعل، أو ما في معناه إلى المسند إليه المجازي, وتلك العلاقة هي التي عبر عنها في التعريف بقوله "للملابسة"، وهي أن يشابه المسند إليه المجازي المسند إليه الحقيقي في مطلق ملابسة الفعل لهما، وتعلقه بكل منهما. فقولك مثلا: "قام الليل" إسناد مجازي أسند فيه الفعل وهو "قام" إلى غير ما هو له، وهو "الليل"، فالليل ليس فاعلا حقيقيا للقيام، وإنما الفاعل الحقيقي هو الشخص، والليل ظرف للقيام، ففاعليته إذًا مجازية, والذي سوغ إسناد الفعل إليه مشابهته للفاعل الحقيقي الذي هو الشخص في تعلق الفعل به، وذلك أن الفعل الذي هو القيام تعلق بالشخص من حيث صدوره منه، وتعلق بالليل من حيث وقوعه فيه, فالعلاقة بين الفاعلين -الحقيقي والمجازي- هي المشابهة في أن الفعل لابس كلا منهما، وتعلق به، وإن اختلفت جهة التعلق.

وللفعل وما في معناه ملابسات شتى، فهو يلابس الفاعل الحقيقي لصدوره منه، أو قيامه به، ويلابس المفعول به الحقيقي٢ لوقوعه عليه، ويلابس المصدر لكونه جزء مفهومه، ويلابس الزمان لكونه جزء مفهومه


١ وبذلك التعميم أيضا سقط اعتراض وارد على قولح: "غير ما هو له" وهو أنه: إن أريد غير ما هو له عند المتكلم في الظاهر فلا حاجة إلى قوله: "بتأول" لأنه لا يسند الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له عند المتكلم إلا إذا كان ثم قرينة تدل على أن ذلك المسند إليه غير فقوله: "إلى غير ما هو له" يتضمن اعتبارها, وإن أريد: غير ما هو له في الواقع خرج عن التعريف ما طابق الواقع دون الاعتقاد نحو قول الجاهل: شفى الله المريض مجازا باعتبار الإسناد إلى السبب, وهو الله تعالى في زعمه, إذ يعتقد أن الفاعل الحقيقي هو الطبيب, وأن الله سبب وحينئذ فلا يكون التعريف جامعا. من أجل هذا أراد المعنى الأعم من الغير في الواقع والغير عند المتكلم، ويكون قوله: "بتأول" محتاجا إليه بالنسبة لما هو غير الواقع, ودخل في التعريف قول الجاهل المذكور.
٢ المراد به نائب الفاعل؛ لأنه المسند إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>