في إطلاق لفظ "الراوية" على القربة في قولك: "خلت "الراوية" من الماء" تريد خلت القربة، ومعنى الراوية في الأصل الدابة يستقى عليها، "فالراوية" حينئذ مجاز مرسل علاقته المجاورة؛ لمجاورة الدابة للقربة عند الحمل، والقرينة لفظ "خلت"؛ لأن الذي يخلو من الماء هو الوعاء لا الحيوان. ومنه قول الشاعر:
فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
أي: شككت بالرمح جسمه، فلفظ "ثيابه" مجاز مرسل علاقته ما بين الجسم والثياب من المجاورة التامة, والقرينة قوله:"فشككت" إذ المراد بالشك الطعن وهو إنما يكون في الأجسام، لا في الثياب. ومما علاقته المجاورة إطلاق اللفظ على المعنى، أو العكس, تقول: فهمت اللفظ، وتريد معناه، وقرأت المعنى، وتريد اللفظ؛ وذلك لشدة ارتباط الدال بالمدلول. ومنه إطلاق الظن على العلم، أو العكس؛ لتقاربهما في المعنى، فهما متجاوران.
١٣- البدلية: هي كون الشيء بدلا وعوضا عن شيء آخر، فيطلق اسم البدل، ويراد المبدل منه كإطلاق القضاء على الأداء في قوله تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا} يريد: فإذا أديتم؛ لأن الإتيان بالصلاة في أوقاتها يسمى أداء، لا قضاء فالتعبير بالقضاء بدلا من الأداء مجاز مرسل علاقته البدلية، والقرينة مقام الخطاب, إذ إن الخطاب مع من يوفون الصلاة في أوقاتها. ومثله:"قضيت" الدين في "ميعاده" أي: أديته, ففي "قضيت" مجاز مرسل علاقته البدلية كالذي قبله, والقرينة قوله:"في ميعاده" إذ إن الدفع في الميعاد أداء، لا قضاء. ومنه قولهم: في ملك فلان "ألف دينار" أي: متاع يعادل ألفا, فقد أطلق البدل، وهو الألف دينار، وأريد المبدل منه، وهو المتاع.
١٤- المبدلية: هي كون الشيء مبدلا منه شيء آخر فيطلق اسم المبدل منه، ويراد البدل كإطلاق الدم على الدية في قول الشاعر يتبرم بعشرة زوجه، ويتوعدها بالزواج عليها: