وعلى هذا المذهب خرجت الاستعارة عن أن تكون من أفراد المجاز اللغوي؛ لأنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له, فهو من عوارض الألفاظ، والاستعارة المكنية -على هذا المذهب- هي التشبيه المضمر في النفس ... إلخ، وهو فعل من أفعال المتكلم، بخلافها "على مذهب الجمهور" فإنها من قبيل المجاز اللغوي، إذ هي لفظ المشبه به، المستعار للمشبه، المرموز له بشيء من لوازمه, على ما سبق.
وإذًا, فإطلاق لفظ "الاستعارة" على المكنية -على رأي الخطيب- مجرد تسمية خالية عن المناسبة١، وأما إطلاق لفظ "المكنية" عليها فظاهر, إذ لم يصرح فيها بالتشبيه، وإنما كني عنه بذكر لازم المشبه به، وإثباته للمشبه.
١ التمس بعضهم وجها لهذه التسمية, هو أن هذا التشبيه المضمر أشبه الاستعارة من حيث إن فيه ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به, ذلك نه لما أثبت اللازم للمشبه دل ذلك على أن مريد التشبيه ادعى دخوله في جنس المشبه به حتى استحق خواصه, والادعاء المذكور من شأن الاستعارة.