للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشبه وهو "المنية"، وكني عن المشبه به بذكر لازمه الذي هو "الأظفار"، ثم أثبت هذا اللازم للمنية، فقيل: "أظفارها".

وفي المثال الثاني حذف لفظ المشبه به، وهو "الإنسان الضاحك" وبقي المشبه وهو "المنايا"، وكني عن المشبه به بذكر لازمه، وهو "تهلل النواجذ"، ثم أثبت هذا اللازم للمشبه، فقيل: "تهللت نواجذ أفواه المنايا".

وفي المثال الثالث حذف لفظ المشبه به، وهو "الإنسان الناطق" وبقي المشبه وهو "الحال"، وكني عن المشبه به بذكر لازمه، وهو "اللسان" ثم أثبت هذا اللازم للمشبه, فقيل: "فلسان حالي".

وفي المثال الرابع حذف لفظ المشبه به، وهو الجهة التي يقصد منها إلى الغاية، وبقي المشبه وهو الصبا، وكني عن المشبه به بذكر لازمه، وهو الأفراس والرواحل، ثم أثبت هذا اللازم للمشبه، فقيل: "أفراس الصبا ورواحله". وهكذا, فالمذكور في المكنية من الطرفين هو المشبه دائما عكس الاستعارة التصريحية، على ما عرفت.

والدليل على التشبيه حينئذ إثبات ذلك اللازم؛ لأن إثبات لازم الشيء لغيره إنما يدل على أن ذلك الغير مشبه بذلك الشيء، ومنزل منزلته، وإلا ما صح أن يثبت له لازمه.

وسميت هذه الاستعارة مكنية؛ لعدم التصريح فيها بذكر المشبه به, والكناية عنه بذكر بعض خواصه, كما رأيت.

وذهب الخطيب القزويني إلى أن الاستعارة المكنية هي:

التشبيه المضمر في النفس المدلول عليه بإثبات لازم المشبه به للمشبه, كما في نحو قول الهذلي السابق. ويقال في إجراء الاستعارة فيه على هذا المذهب: شبهت المنية بالسبع تشبيها مضمرا في النفس بجامع الاغتيال، ثم تنوسي التشبيه، وادعي أن المشبه من أفراد المشبه به، ثم أثبت لازم المشبه به، وهو "الأظفار" للمشبه على سبيل الاستعارة المكنية، وهكذا يقال في أمثال ما ذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>