للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما مذهب الجمهور في استعارة الحرف فهو أنهم يعقدون التشبيه في متعلق معنى الحرف١، فيقولون في آية الالتقاط: شبه مطلق ترتب علة واقعية، "كالعداوة والحزن" على الالتقاط بمطلق ترتب علة غائية "كالمحبة والسرور" عليه, بجامع مطلق ترتب شيء على شيء, فسرى التشبيه من هذين الكليين إلى جزئياتهما، ثم استعيرت -بناء على هذا التشبيه الحاصل بالسراية- اللام الموضوعة لجزئي من جزئيات المشبه به٢ لجزئي من جزئيات المشبه٣, على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.

ويقال في آية {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ} : شبه مطلق تلبس مستعلى عليه بمستعل بمطلق تلبس ظرف بمظروف, بجامع مطلق تلبس شيء بشيء, فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات، ثم استعير -بناء على هذا التشبيه- لفظ {فِي} الموضوع لجزئي من جزئيات المشبه به٤ لجزئي من جزئيات المشبه٥, استعارة تصريحية تبعية.

ويقال في المثال الأخير: شبه مطلق تلبس شيء لا يصلح للظرفية -كالغبطة في المثال المذكور- بشيء آخر بمطلق تلبس ظرف بمظروف, بجامع مطلق تلبس شيء بشيء، فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات


١ المراد بمتعلق معنى الحرف: المعنى الكلي الذي يستلزمه المعنى الجزئي للحرف, فلفظ "في" مثلا موضوع لمعنى جزئي هو الظرفية الخاصة في نحو قولك: الماء في الكوز, وهذا المعنى الجزئي يتعلق بمعنى كلي هو مطلق ظرفية شيء في شيء, ومعنى تعلقه به استلزامه له، إذ الخاص يستلزم العام، ولام العلة موضوعة لمعنى جزئي هو ترتب علة خاصة على معلول خاص, كما في نحو: جئت لتلقي العلم, وهذا المعنى الجزئي يتعلق بمعنى كلي هو مطلق ترتب شيء على شيء, وهكذا.
٢ هو ترتب المحبة والسرور المتعلقين بموسى, عليه السلام.
٣ هو ترتب العداوة والحزن المتعلقين بموسى, عليه السلام.
٤ أي: في نحو: الماء في الكوز.
٥ أي: كما في المثال المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>