عن هذا التقدير، لكن وليها شيء يتعلق بها، وهو "الماء" إذ هو أحد أجزاء الهيئة المذكورة.
وإنما احتِيج إلى تقدير المفرد في آية {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} ، ولم يستغن عنه بمجموع الكلام كما في هذه الآية؛ لأن الضمائر هناك في {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ} أحوجت "كما قلنا" إلى تقدير المرجع وهو "ذوي". ولما فتح باب التقدير قدر "المثل" المعبر به عن القصة والهيئة؛ ليشاكل قوله تعالى:{كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} لهذا كانت آية {أَوْ كَصَيِّبٍ} من قبيل ما ولي فيه المشبه به كاف التشبيه تقديرا, بخلاف آية {كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ} إذ لا حاجة فيها إلى تقدير شيء.
والأصل في "كأن" الدالة على التشبيه أن يليها المشبه عكس "الكاف" وأخواتها, تقول:"كأن عنترة أسد" فعنترة هو المشبه، وقد ولي "كأن"، ويقول الله تعالى:{كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} فضمير النسوة هو المشبه، وما بعده هو المشبه به.
ومثل "كأن" في هذا الحكم كل ما له معمولان من الأفعال، أو الأسماء المشتقة لمعنى التشبيه؛ تقول: ماثل أو يماثل خالد أسدا، وشابه أو يشابه علي حاتما، وحاكى أو يحاكي شوقي أبا الطيب, فالذي ولي الأفعال في هذه المثل هو المشبه، وتقول: خالد ماثل أو يماثل الأسد، وعلي شابه أو يشابه حاتما، وشوقي حاكى أو يحاكى أبا الطيب، وتقول في الأسماء المشتقة: علي مماثل أو مشابه أسدا، وشوقي محاكٍ أبا الطيب, فالضمائر المستكنة في هذه الأفعال، أو الصفات هي المشبهات وقد وليتها؛ لأنها فواعل، والفاعل مرتبته التقدم على المفعول به، وقد يجري الكلام على خلاف الأصل لقيام قرينة نحو:"شابه أسدا علي" فيقدم المشبه به لفظا, لا معنى.