للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالنسبة لخالي الذهن, ولو كان مرجعها اللفظ بغضّ النظر عن المعنى الثاني البلاغي؛ لتصور معنى البلاغة بدون اعتبار ما يناسب الحال من المقتضيات, وذلك محال ا. هـ.

الثاني: تقدم أن الحال هي الأمر الداعي للمتكلم إلى أن يعتبر في كلامه شيئا زائدا على المعنى الأصلي, غير أن هذا الأمر الداعي تارة يكون داعيا في الواقع إلى اعتبار هذا الشيء الزائد كما لو كان المخاطب منكرا حقيقة, فإن الإنكار أمر داعٍ في الواقع إلى أن يعتبر المتكلم "التأكيد" في كلامه -ويسمى الأمر الداعي حينئذ "ظاهر الحال"- وتارة لا يكون داعيا في الواقع إلى اعتبار ما ذكر كما لو نزل المخاطب غير المنكر منزلة المنكر لسبب ما, فإن ذلك الإنكار التنزيلي ليس داعيا في الواقع إلى اعتبار شيء في الكلام، وإنما هو داعٍ في تقدير المتكلم, وافتراضه فحسب بتنزيله غير المنكر منزلة المنكر, ويسمى الأمر الداعي حينئذ "حالا" فقط.

فظهر من هذا أن الحال هي الأمر الداعي للمتكلم إلى أن يعتبر في كلامه شيئا زائدا على أصل المعنى -سواء كان ذلك الأمر داعيا في الواقع، أو في عرف المتكلم فقط- وأن ظاهر الحال هو الأمر الداعي للمتكلم في الواقع لا غير، وثبت حينئذ أن الحال أعم مطلقا من ظاهر الحال ا. هـ.

الثالث: أن ما تقدم من أن مقتضى الحال هو الشيء الزائد على أصل المعنى كالتأكيد في نحو: "إن محمدا لرسول الله" خطابا للمنكر، وكالخلو منه في مثل: "محمد رسول الله" خطابا لخالي الذهن, وأن معنى المطابقة لمقتضى الحال هو اشتمال الكلام على هذا المقتضى كاشتماله على التأكيد "في المثال الأول" وعلى عدمه "في المثال الثاني", أن هذا الذي تقدم هو خلاف التحقيق.

و"تحقيق المسألة": أن مقتضى الحال هو الكلام الكلي المشتمل على الشيء الزائد "كالتأكيد" مثلا، وليس هو التأكيد نفسه -

<<  <  ج: ص:  >  >>