للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضع له, وفرق بين أن يكون اللفظ موضوعا لكذا، وبين أن يكون مستعملا في كذا من أجل كذا, وهذا الأخير هو المعنى الزائد الذي يهدف إليه دائما هذا العلم.

وصفوة القول: أن مقتضى الحال لا يجب أن يكون من قبيل اللفظ كعدم التأكيد في الخطاب المتقدم الموجه لخالي الذهن، وكاستعمال اسم الإشارة في القريب أو البعيد كما مثلنا.

وكالإنكار أيضا المدح, فهو حال تدعو المتكلم لأن يورد كلامه على صورة الإطناب؛ لأن مقام المدح يقتضي الإطالة في القول، والبسط فيه؛ قضاء لحق الممدوح.

وكذلك ذكاء المخاطب حال تحمل المتكلم على أن يورد كلامه على صورة الإيجاز؛ لأن مقام الذكاء يقتضي الاختصار في القول، واستعمال العبارات ذات المعاني الدقيقة الخفية, وكل من صورتي الإطناب والإيجاز مقتضى الحال، واشتمال الكلام على هذه الصورة مطابقة للمقتضى, وهكذا يقال في كل حال من أحوال الخطاب.

تنبيهات:

الأول: يؤخذ من ظاهر تعريف بلاغة الكلام أن البلاغة مرجعها اللفظ؛ لأنها -على ما سبق- مطابقة الكلام لمقتضى الحال، والمطابقة صفة المطابق الذي هو الكلام الملفوظ به. وإذًا تكون البلاغة صفة راجعة إلى اللفظ, غير أن رجوعها إليه لا من حيث ذاته، ولا من حيث إفادته المعنى الأول الذي هو النسبة بين الطرفين, فإن هذا المعنى مطروح في الطريق، فهو في متناول عامة الناس، فلا ينظر إليه البليغ, وإنما رجوعها إلى اللفظ من حيث إفادته المعنى الزائد الذي اقتضاه المقام، ودعت إليه الحال "كالتأكيد" مثلا بالنسبة للمنكر وكعدمه

<<  <  ج: ص:  >  >>