للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً، وقالوا: إنّه لا قيمة له لفرط غرابته وجماله، وحمل من مكان إلى مكان حتى وصل إلى البحر، ونصبه الناصر في بيت المنام في المجلس الشرقي المعروف المؤنس، وجعل عليه اثني عشر تمثالاً من الذهب الأحمر مرصعة بالدر النفيس الغالي ممّا عمل بدار الصناعة بقرطبة: صورة أسد إلى جانبه غزال إلى جانبه تمساح، وفيما يقابله ثعبان وعقاب وفيل، وفي المجنبتين حمامة وشاهين وطاووس ودجاجة وديك وحدأة ونسر (١) ، وكل ذلك من ذهب مرصع بالجوهر النفيس، ويخرج الماء من أفواهها، وكان المتولي لهذا البنيان المذكور ابنه الحكم، لم يتكل فيه الناصر على أمين غيره، وكان يخبز في أيامه في كل يوم برسم حيتان البحيرات ثمانمائة خبزة، وقيل: أكثر، إلى غير ذلك ممّا يطول تتبعه.

قال (٢) : وكان الناصر كما قدمنا قسم الجباية أثلاثاً: ثلث للجند، وثلث للبناء، وثلث مدخر، وكانت جباية الأندلس يومئذ من الكور والقرى خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانين ألف دينار، ومن السوق والمستخلص سبعمائة ألف وخمسة وستين ألف دينار، وأمّا أخماس الغنائم العظيمة (٣) فلا يحصيها الديوان.

وقد سبق هذا كلّه، وإنّما كرّرته لقول بعضهم إثر حكايته له، ما صورته: وقيل: إن مبلغ تحصيل النفقة في بناء الزهراء مائة مدي من الدراهم القاسمية بكيل قرطبة، وقيل: إن مبلغ النفقة فيها بالكيل المذكور ثمانون مدياً وسبعة أقفزة من الدراهم المذكورة. واتصل بنيان الزهراء أيّام الناصر خمساً وعشرين سنة شطر خلافته، ثم اتصل بعد وفاته خلافة ابنه الحكم كلّها، وكانت خمسة عشر عاماً وأشهراً، فسبحان الباقي بعد فناء الخلق، لا إله إلاّ هو، انتهى.


(١) هذه ثلاثة عشر تمثالاً وقد ذكر أنها اثنا عشر، وفي أزهار الرياض عد منها أحد عشر ثم قال: والثاني عشر لم يحضرني اسمه الآن؛ وذلك أنه لم يذكر الحدأة والنسرز
(٢) قال: سقطت من ك ج ط.
(٣) في ق أخماس العظيمة؛ ط: أخماس الغنائم؛ ك: أخماس الغنيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>