للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعد في يوم البرهان نجيباً، وأسمعت وجيباً، لما ساجلت بهذه الترهات سحراً عجيباً، حتى إذا ألف القلم العريان سبحه، وجمح برذون الغرارة فلم أطق كبحه، لم أفق من غمرة غلوه، وموقف متلوه، إلا وقد تحيز إلى فئتك معتزاً بل معتراً، واستقبلها ضاحكاً مفتراً، وهش لها براً، وإن كان لونه من الوجل (١) مصفراً، وليس بأول من هجر، في التماس الوصل ممن هجر، أوبعث التمر إلى هجر، وأي نسب بيني اليوم وبين زخرف الكلام، وإجالة جياد الأقلام، في محاورة الأعلام بعد أن حال الجريض، دون القريض (٢) ، وشغل المريض، عن التعريض، واستولى (٣) الكسل، ونصلت الشعرات البيض كأنها الأسل، تروع برقط الحيات، سرب الحياة، وتطرق بذوات الغرر والشيات (٤) ، عند البيات، والشيب الموت العاجل، وإذا ابيض زرع صبحته المناجل، والمعتبر الآجل، وإذا اشتغل الشيخ بغير معاده، حكم في الظاهر بإبعاده، وأسره في ملكة عاده، فأغض أبقاك الله واسمح، لمن قصر عن المطمح، وبالعين الكليلة فالمح، واغتنم لباس ثوب الثواب، واشف بعض الجوى بالجواب، تولاك الله تعالى فيما استضفت وملكت، ولا بعدت ولا هلكت، وكان لك أية سلكت، ووسمك من السعادة بأوضح السمات، وأتاح لقاءك من قبل الممات، والسلام الكريم يعتمد جلال ولدي، وساكن خلدي بل أخي وإن عتبته (٥) وسيدي، ورحمة الله تعالى وبركاته انتهى.

قلت: هذه الرسالة الرافلة في حلل البلاغة لم أر مثلها ولم أقف عليه، فرحم الله تعالى لسان الدين ووجه سحائب الرحمة إليه، فلقد كان آية الله في النظم


(١) التعريف: الخجل.
(٢) هذا مثل؛ والجريض: ما يعترض في الحلق من غصص، أي حال العائق دون قول الشعر، ويتصل بقصة عبيد بن الأبرص ويوم البؤس عند النعمان.
(٣) التعريف: وغلب حتى.
(٤) ذوات الغرر والشيات هي الخيل.
(٥) التعريف: وإن اتقيت عتبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>