يقول الألوسي: إنهم قوم موحدون يعتقدون تأثير النجوم.
فهؤلاء هم الصابئة الأولى أو صابئة الحنفاء قال فيهم الألوسي: صابئة الحنفاء شاركوا أهل الإسلام في الحنيفية.
منهم هلال بن محسن الصابئ صاحب الديوان الإنشائي والرسائل.
وأبو إسحاق الصابئ كان صابئا وعرض عليه عز الدولة أن يسلم فامتنع وقيل بذل له ألف دينار على أن يأكل الفول فلم يفعل؛ والصابئون يحرمون الفول والحمام.
يقول الدكتور زكي مبارك: ولكن حرصه على دينه لم يحل بينه وبين التحلي بأكرم الخصال في رعاية الإسلام، فقد كان يصوم رمضان مساعدة وموافقة للمسلمين وحسن عشرة منه لهم ويحفظ القرآن حفظا يدور على طرف لسانه وسن قلمه.
حتى إنه لما مات بكاه الشريف الرضي في قصيدته، واستكثر الناس عليه في دينه وجاهه، أن يبكي رجلا صابئا بمثل هذا الشعر الحزين ولكنه أجاب بأنه إنما بكاه لفضله١.
نأخذ على الدكتور زكي مبارك قوله: مساعدة وموافقة للمسلمين وحسن عشرة منه لهم؛ قد يكون هذا التعليل راجعا إلى حفظه للقرآن، وقد يكون حفظ القرآن راجعا إلى حرصه على الأدب لا على الدين الإسلامي، أما صومه رمضان فهذا يرجع إلى شريعة الصابئة الحنيفية.
وأما تحليه بأكرم الخصال فهم قوم يخرجون على رذائل الخصال ودناءة الطبع إلى كريم السجايا وطهارة الطوايا: راجع قول الألوسي السابق في تسميتهم صائبين، فإسحاق الصابئ فاضلا فما ظنه الدكتور زكي مبارك فيه وحمله على محمل حسن عشرة منه للإسلام والمسلمين وهو في واقع الأمر شريعة صابئية كما قدمنا، وأما بكاء الشريف عليه فإنما هو كما قال:"بكاء لفضله".
١ النثر الفني في القرن الرابع الهجري "٢: ٢٩٠" دكتور زكي مبارك.