المسلم لنفسه جدولًا محكمًا، يورع فيه طاقاته وزمنه توزيعًا عادلًا، على مطالب وفكره وجسده، وواجباته الدينية الشخصية والاجتماعية، ويمنح كلا منها من طاقاته وزمنه ما يناسبه بالعدل.
وبهذا التوزيع العادل يغدو الإنسان المسلم متعادل الشخصية، في صفاته وعواطفه، وأعماله، حكيمًا فيأمره كله.
فمن سوء التوزيع لطاقات الإنسان وزمنه الذي لا يرتضيه الإسلام أن ينصرف المسلم للعبادة تاركًا عياله في آلام الحاجة إلى وسائل العيش، ظانًّا أن هذا أفضل من المشي في مناكب الأرض لاكتساب الرزق من الطرق التي أحلها الله، وإنفاقه عليهم، ومن أجل هذا أمر الله بالانتشار في الأرض، ابتغاء لفضل الله عقب أداء الصلاة من يوم الجمعة، كما أمر بالسعي إلى ذكر الله وترك البيع، إذا نودي للصلاة، قال الله تعالى في سورة "الجمعة: ٦٢ مصحف/ ١١٠ نزول":
ومن سوء التوزيع إشغال الإنسان فكره ونفسه وقلبه وجسده في جمع الأموال، وإهماله حظوظه النفسية والجسدية الأخرى، وإهماله واجباته الدينية الشخصية والاجتماعية.
ومن سوء التوزيع تعليق الإنسان قلبه بحب شهوة من شهوات النفس أو الجسد، والاستغراق بها، وإهماله توجيه قلبه إلى حب الله ورسوله، وما يحبه الله ورسوله من خير.
ولا يعارض مبدأ الحكمة في التوزيع أن يتجه الإنسان إلى اكتساب مهارة كبيرة في علم من العلوم، أو فن من الفنون، أو صناعة من الصناعات؛ لأن ذلك من حصر الطاقات المخصصة في التوزيع العام العادل لهذه الأنواع من حاجات الإنسان، أو واجباته في الحياة، في أفضل طريقة منتجة مدنية إلى