للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما دراك ونزال ونظار فلا أنكر النصب على الجواب بعده، فأقول: دراك زيدًا١ فتظفر به ونزال إلى الموت فتكسب الذكر الشريف به٢؛ لأنه وإن لم يتصرف فإنه من لفظ الفعل، ألا تراك تقول: أأنت٣ سائر فأتبعك فتقتضب٤ من لفظ اسم الفاعل معنى المصدر وإن لم يكن فعلًا كما قال٥ الآخر:

إذا نهي السفيه جرى إليه ... وخالف والسفيه إلى خلاف٦

فاستنبط من السفيه معنى السفه، فكذلك ينتزع من لفظ دراك معنى المصدر وإن لم يكن فعلا.

هذا حديث هذه الأسماء في باب النصب.

فأما الجزم في جواباتها فجائز حسن، وذلك قولك: صه تسلم، ومه تسترح، ودونك زيدا تظفر بسلبه؛ ألا تراك في الجزم لا تحتاج إلى تصور معنى المصدر؛ لأنك لست تنصب الجواب فتضطر إلى تحصيل معنى المصدر الدال على٧ أن والفعل. وهذا واضح.

فإن قيل: فمن أين وجب بناء هذه الأسماء؟ فصواب القول في ذلك أن علة بنائها إنما هي تضمنها٨ معنى لام الأمر، ألا ترى أن صه بمعنى اسكت وأن أصل اسكت لتسكت؛ كما أن أصل قم لتقم، واقعد لتقعد؛ فلما ضمنت هذه الأسماء معنى لام الأمر شابهت الحرف فبنيت؛ كما أن كيف ومن وكم لما تضمن كل واحد منها معنى حرف الاستفهام بني؛ وكذلك بقية الباب.


١ سقط في ز، ط.
٢ سقط في ش. وفي ط: "له".
٣ في ط: "آنت" وفي ز: "اآنت" وفي ش: "انت".
٤ في ز: "فتقتصب".
٥ سقط في ش.
٦ أورد هذا البيت الفراء في معاني القرآن ١/ ١٠٤ من غير عزو: وانظر الخزانة ٢/ ٣٨٣.
٧ كذا والأنسب: "عليه".
٨ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "لتضمنها".

<<  <  ج: ص:  >  >>