للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

أيا بن أناس هل يمينك مطلق ... نداها إذا عُدَّ الفعال شمالها١

أراد: هل يمينك شمالها مطلق نداها. ف"ها" من "نداها" عائد إلى الشمال لا اليمين, والجملة خبر عن يمينها٢.

وقال الفرزدق:

ملوك يبتنون توارثوها ... سرادقها المقاول والقبابا٣

أراد: ملوك يبتنون المقاول والقباب توارثوها سرادقها. فقوله: "يبتنون المقاول والقباب " صفة لموك٤. وقوله: توارثوها سرادقها صفة ثانية لملوك٥، موضعها التأخير, فقدمها وهو يريد بها موضعها كقولك: مررت برجل مكلِّمها مارٍّ بهند, أي: مار بهند مكلمها, فقدَّم الصفة الثانية وهو معتقد تأخيرها. ومعنى يبتنون المقاول أي: أنهم يصطنعون المقاول ويبتنونهم؛ كقول المولّد:

يبني الرجال وغيره يبني القرى ... شتان بين قرى وبين رجال٦

وقوله: "توارثوها" أي: توارثوا الرجال والقباب. ويجوز أن تكون الهاء ضمير المصدر؛ أي: توارثوا هذه الفعلات.


١ "أيابن أناس" كذا في ش. وفي ج: "إياس" في مكان "أناس", وفي د، هـ، ز، ط: "أنا ابن أناس".
٢ كذا في الأصول التي بيدي يريد يمين الشمال, والأولى: "يمينك".
٣ قبله أول القصيدة:
أنا ابن العاصمين بني تميم ... إذا ما أعظم الحدثان نابا
تماني كل أصيد دارميّ ... أغرّ ترى لقبته حجابا
وانظر النقائض طبع أوربا ٤٥١. والمقاول: جمع المِقْوَل، بكسر الميم وسكون القاف؛ وهو كالقبل: الملك على قومه دون الملك الأعظم.
٤ كذا في ش، ط. وفي ز: "الملوك".
٥ كذا في ط. وفي ش، ز: "اللوك".
٦ في المحاسن والمساوئ للبيهقي "ص١٧٤ طبعة بيروت ١٩٦٠" هذا النص: "ونظر المأمون إلى ابنه العباس وأخيه المعتصم، وكان العباس يتخذ المصانع ويبني الضياع, والمعتصم يتخذ الرحال، فقال شعرًا:
يبني الرجال وغيره يبني القرى ... شتان بين قرى وبين رجال
فلق بكثرة ماله وضياعه ... حتى يفرقه على الأبطال

<<  <  ج: ص:  >  >>