للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم، وإذا جاز تأنيث المصدر وهو على مصدريته غير موصوف به، لم يكن تأنيثه وجمعه, وقد ورد١ وصفًا٢ على المحل الذي من عادته أن يفرق فيه بين مذكره ومؤنثه, وواحده وجماعته قبيحًا ولا مستكرهًا, أعني: ضيفة٣ وخصمة، وأضيافًا وخصومًا, وإن كان التذكير والإفراد أقوى في اللغة وأعلى في الصنعة, قال الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} ٤.

وإنما كان التذكير والإفراد أقوى من قبل أنك لما وصفت بالمصدر أردت المبالغة بذلك, فكان من تمام المعنى وكماله أن تؤكد ذلك بترك التأنيث والجمع, كما يجب للمصدر في أول أحواله, ألا ترى أنك إذا أنثت وجمعت سلكت به مذهب الصفة الحقيقة التي لا معنى للمبالغة٥ فيها، نحو: قائمة ومنطلقة وضاربات ومكرمات, فكان ذلك يكون نقضًا للغرض أو كالنقض له. فلذلك قلَّ حتى وقع الاعتذار لما جاء منه مؤنثًا أو مجموعًا.

ومما جاء من المصادر مجموعًا ومعملًا أيضًا قوله ٦:

مواعيد عرقوب أخاه بيثرب٧

و"بيترب".

ومنه عندي قولهم: تركته بملاحس البقر أولادها. فالملاحس جمع ملحس, ولا يخلو أن يكون مكانًا أو مصدرًا, فلا يجوز أن يكون هنا مكانًا، لأنه قد عمل


١ كذا في أ. وفي غيرها: "جرى".
٢ كذا في أ. وفي غيرها "وحل".
٣ في أ: "ضيفًا".
٤ آية: ٢١، سورة ص.
٥ في أ: "لمبالغة".
٦ في أ: "قولهم".
٧ هذا عجز بيت أوله:
وواعدتني مالًا أحاول نفعه
وهو من أبيات الشماخ أوردها في "فرحة الأديب" في المقطوعة ٣٤. وقد روى ابن السيرافي: "بيترب" بالتاء والراء المفتوحة، فردَّ عليه صاحب الفرحة وذكر أن الرواية "بيثرب" اسم مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>