للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اطَّرد واتَّسع, فحمله على القلب يبعد في الصنعة و"يصغِّر المعنى"١. وكأن هذا الموضع لما خفي على بعضهم قال في تأويله: إن العَجَل هنا الطين. ولعمري إنه في اللغة كما ذكر غير أنه في هذا الموضع لا يراد به إلّا نفس العجلة والسرعة, ألا تراه عزَّ اسمه كيف قال عقبه: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} ٢ فنظيره قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} ٣ {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} ٤؛ لأن العجلة ضرب من الضعف لما تؤذن٥ به من الضرورة والحاجة.

فلمَّا كان الغرض في قولهم: رجل عدل وامرأة عدل إنما هو إرادة المصدر والجنس, جعل الإفراد والتذكير أمارة للمصدر٦ المذكر.

فإن قلت: فإن نفس٧ لفظ المصدر قد جاء مؤنثًا نحو: الزيادة والعبادة٨، والضئولة، والجهومة والمحمية والموجدة والطلاقة، والسياطة. وهو كثير جدًّا. فإذا كان نفس المصدر قد جاء مؤنثًا فما هو في معناه ومحمول بالتأويل عليه أحجى بتأنيثه.

قيل: الأصل لقوّته أحمل لهذا المعنى من الفرع لضعفه. وذلك أن الزيادة، والعبادة٨، والجهومة والطلاقة ونحو ذلك مصادر غير مشكوك فيها, فلحاق التاء لها٩ لا يخرجها عمَّا ثبت في النفس من مصدريتها. وليس كذلك الصفة؛ لأنه ليست في الحقيقة مصدرًا, وإنما هي متأولة عليه ومردودة بالصنعة إليه. فلو قيل: رجل عدل, وامرأة عدلة, وقد جرت صفة


١ في الأشياء للسيوطي: "يصغر في المعنى".
٢ آية: ٣٧، سورة الأنبياء.
٣ آية: ١١، سورة الإسراء.
٤ آية: ٢٨، سورة
٥ كذا في ش. وفي غيرها: "يؤذن".٦ في أ: "المصدر".
٧ كذا في أ، ش. وسقط في غيرهما.
٨ في ش: "القيادة".
٩ في ش: "بها".
١٠ في أ: "عدل" هو خطأ في النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>