للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرد١، وتناظر غير مجد، فاعرف هذا من مذهب القوم واقتفه تصب بإذن الله تعالى.

ومن ذلك قولهم في قول العرب: كل رجل وصنعته٢، وأنت وشأنك: معناه أنت مع شأنك وكل رجل مع صنعته فهذا يوهم من أمم أن الثاني خبر عن الأول كما أنه إذا قال أنت مع شأنك فإن قوله "مع شأنك " خبر عن أنت. وليس الأمر كذلك بل لعمري إن المعنى عليه غير أن تقدير الأعراب على غيره. وإنما " شأنك" معطوف على "أنت " والخبر محذوف للحمل على المعنى, فكأنه قال: كل رجل وصنعته مقرونان وأنت وشأنك مصطحبان. وعليه جاء العطف بالنصب مع أن؛ قال:

أغار على معزاي لم يدر أنني ... وصفراء منها عبلة الصفوات٣

ومن ذلك قولهم أنت ظالم إن فعلت ألا تراهم يقولون في معناه: إن فعلت فأنت ظالم فهذا ربما أوهم أن "أنت ظالم" جواب مقدم ومعاذ الله أن يقدم جواب الشرط عليه وإنما قوله "أنت ظالم " دال على الجواب وساد مسده فأما أن يكون هو الجواب فلا.

ومن ذلك قولهم في عليك زيدًا: إن معناه خذ زيدًا وهو -لعمري- كذلك, إلا أن "زيدًا " الآن إنما هو منصوب بنفس " عليك " من حيث كان اسمًا لفعل متعد لا أنه منصوب بـ "خذ ".

ألا ترى إلى فرق ما٤ بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى فإذا مر بك شيء من هذا عن أصحابنا فاحفظ نفسك منه ولا تسترسل إليه فإن أمكنك أن يكون


١ أي على غضب واغتياظ، يقال: حرد الرجل إذا اغتاظ فتحرش بالذي غاظه.
٢ كذا في أ. وفي ب، ش، ج: "ضيعته". والضيعة هنا: حرفة الرجل وتجارته وصناعته.
٣ أورده في اللسان "معز". و"صفراء" يريد قوسا. والصفوات حجارة ملس مسواة، وكأنها كان يرمى بها مكان السهام. وقوله "أغار" أي الذئب أو السبع.
٤ كذا في ش، ب. وفي سقط هذا اللفظ "ما" في أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>