للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن موضع المد إنما هو قبيل الطرف مجاورًا له كألف عماد وياء سعيد وواو عمود. فأما واو طومار وياء ديماس١ فيمن قال دياميس فليستا للمد لأنهما لم تجاورا الطرف. وعلى ذلك قال في طومار: إنه ملحق لما تقدمت الواو فيه، فلم تجاور طرفه.

فلو بنيت على هذا من "سألت " مثل طومار وديماس لقلت: سوءال وسيئال. فإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على الحرفين قبلها ولم تحتشم ذلك٢، فقلت: سوال وسيال ولم تجرهما٣ مجرى واو مقروءة وياء خطيئة في إبدالك الهمزة بعدهما إلى لفظهما وادغامك إياهما فيها في نحو مقروة وخطية. فلذلك لم يقل في تخفيف سوءال وسيئال: سُوّال ولا سِيّال. فاعرفه.

فإن قيل: ولم لم يتمكن حال المد إلا أن يجاور الطرف قيل: إنما جيء بالمد في هذه المواضع لنعمته٤ وللين الصوت به. وذلك أن آخر الكلمة موضع الوقف, ومكان الاستراحة والأون٥؛ فقدموا أمام الحرف الموقوف عليه ما يؤذن بسكونه, وما يخفض من غلواء٦ الناطق واستمراره على سنن جريه٧، وتتابع نطقه. ولذلك كثرت


١ أي لا فيمن قال: دماميس في الجمع؛ لظهور أن الياء عند هؤلاء بدل من التضعيف، وانظر سيبويه ٢/ ١٢٧. هذا، والديماس: الحمام.
٢ الأصل: "من ذلك"، فإن الاحتشام يتعدى بمن، فحذف الحرف وأوصل الفعل. وانظر اللسان "حشم".
٣ وذلك لأن واو مقروءة وياء خطيئة مدتان لا تقبلان الحركة، فلا سبيل إلى نفل حركة الهمزة إليهما؛ لأن ذلك ينقض الغرض منهما، فكان تخفيف الهمزة في مثل ذلك يغلب الهمزة حرفا من جنس المدة والادّغام. فأما واو سوءال وياء سيئال على الإلحاق فهما شبيهان بالحروف الأصلية يقبلان نقل الحركة إليهما فحذف الهمزة.
٤ النعمة -بفتح النون- في الأصل الترفه، ويراد به هنا رقة الصوت.
٥ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "السكون". والأون: الدعة والسكون.
٦ كذا في ج: وفي غيرها: "علو" وكأنها محرفة عن "غلو" وهو كالغلواء. والغلواء: النشاط والسرعة.
٧ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "غربه".

<<  <  ج: ص:  >  >>