للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخبار في التلطف بعذوبة الألفاظ إلى قضاء الحوائج أكثر من أن يؤتى عليها أو يتجشم للحال "نعت لها"١، ألا ترى إلى قول بعضهم وقد سأل آخر حاجة فقال المسئول: إن علي يمينًا ألا أفعل هذا. فقال له السائل: إن كنت -أيدك الله- لم تحلف يمينًا قط على أمر فرأيت غيره خيرًا منه فكفرت عنها له وأمضيته فما أحب أن أحنثك وإن كان ذلك قد كان منك فلا تجعلني أدون الرجلين عندك. فقال له: سحرتني, وقضى حاجته.

وندع هذا ونحوه لوضوحه, ولنأخذ لما كنا عليه فتقول:

مما يدل على اهتمام العرب بمعانيها وتقدمها٢ في أنفسها على٣ ألفاظها أنهم قالوا في شمللت٤, وصعررت٥، وبيطرت، وحوقلت٦، ودهورت٧، وسلقيت٨، وجعبيت ٩: إنها ملحقة بباب دحرجت. وذلك أنهم وجدوها على سمتها١٠: عدد حروف وموافقة بالحركة والسكون, فكانت هذه صناعة لفظية, ليس فيها أكثر من إلحاقها ببنائها, واتساع العرب بها في محاوراتها, وطرق كلامها.

والدليل على أن فعللت وفعيلت وفوعلت وفعليت ملحقة بباب دحرجت مجيء مصادرها على مثل مصادر باب دحرجت. وذلك قولهم: الشمللة والبيطرة والحوقلة والدهورة والسلقاة والجعباة. فهذا "ونحوه"١١ كالدحرجة والهملجة١٢،


١ كذا في أ. وفي ش، ب: "تعب بها".
٢ كذا في ش، ب. وسقط في أهذا الحرف.
٣ سقط لفظ "على" في أ. فالعبارة فيها: "تقدمها أنفسها ألفاظها". وعليه يكون ألفاظها مقبول التقدم. وهو قد يتعدى بنفسه.
٤ شملل: أسرع وشمر.
٥ يقال: صعورالشيء: درجه.
٦ حوقل: ضعف.
٧ يقال: دهور الشيء: جمعه وقذف في مهول.
٨ يقال: سلقاه إذا طعنه فألقاء على جنبه.
٩ جعباه إذا سرعة.
١٠ السمت: الطريق والهيئة.
١١ هذه الزيادة في أ. وسقطت في ش، ب.
١٢ الهملجة: حسن سير الدابة في سرعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>