للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعني فتح راء يقدر. وقد ذكرته. فهذا طريق تجاور الألفاظ وهو باب.

وأما تجاور الأحوال "فهو غريب"١. وذلك أنهم لتجاور الأزمنة ما يعمل في بعضها ظرفا ما لم يقع فيه من الفعل، وإنما وقع فيما يليه؛ نحو قولهم: أحسنت إليه إذا أطاعني، وأنت لم تحسن إليه في أول وقت الطاعة وإنما أحسنت إليه في ثاني ذلك ألا ترى أن الإحسان مسبب عن الطاعة وهي كالعلة له ولا بد من تقدم وقت السبب على وقت المسبب كما لا بد من ذلك مع العلة. لكنه لما تقارب الزمانان٢، وتجاورت الحالان، في الطاعة والإحسان، أو الطاعة، واستحقاق الإحسان صارا٣ كأنهما إنما وقعا في زمان واحد٤. ودليل ذلك أن "لما" من قولك: لما أطاعني أحسنت إليه، إنما هي منصوبة بالإحسان وظرف له، كقولك٥: أحسنت إليه وقت طاعته، وأنت لم تحسن إليه لأول وقت الطاعة وإنما كان الإحسان في ثاني ذلك أو ما يليه ومن شرط الفعل إذا نصب ظرفا أن يكون واقعا فيه أو في بعضه، كقولك: صمت يوما، وسرت فرسخا، وزرتك يوم الجمعة وجلست عندك. فكل واحد من هذه الأفعال واقع في الظرف الذي نصبه لا محالة ونحن نعلم أنه لم يحسن إليه إلا بعد أن أطاعه لكن لما كان الثاني مسببا عن الأول وتاليا له فاقتربت الحالان، وتجاور الزمانان صار الإحسان؛ كأنه إنما هو والطاعة في زمان واحد، فعمل الإحسان في الزمان الذي يجاور وقته، كما يعمل في الزمان الواقع فيه٦ هو نفسه. فاعرفه.


١ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "وهو الغريب".
٢ كذا في ط، وفي ز، ش: "الزمان" وقد يكون محرقا عن "الزمانان".
٣ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "صار".
٤ سقط في د، هـ، ز.
٥ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "لقولك".
٦ سقط في د، هـ، ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>