للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"و" النوع "الثالث: ما يشبه المقدار" في الوزن والكيل والمساحة، فالأول "نحو: {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا} [الزلزلة: ٧] فـ"مثقال الذرة" شبيه بما يوزن به، وليس اسمًا لشيء يوزن به عرفًا. "و" الثاني: نحو: "نحي سمنا" فـ"النحي" بكسر النون وإسكان الحاء المهملة وبعدها ياء: اسم لوعاء السمن, وهو مما يشبه الكيل, وليس بكيل حقيقة, ويكون كبيرا وصغيرا. "و" الثالث نحو: " {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} " [الكهف: ١٠٩] فـ"مثل" شبيه بالمساحة، وليست مساحة حقيقية، وإنما هو دال على المماثلة من غير ضبط بحد، "وحمل على هذا" في الدلالة على المماثلة ما يفيد المغايرة، نحو: "إن لنا غيرها إبلًا" ووجه حمله عليه أنه غيره، وهم يحملون الغير على المثل ما يحملون المثل على المثل، ولم يحمل على غيره؛ لأنه لا وجه لإلحاقه بالمقدار إلا بأن يحمل على ما ألحق به، وهو المثل.

" النوع "الرابع: ما كان فرعًا للتمييز نحو": هذا "خاتم حديدًا، فإن "الخاتم" فرع "الحديد"" من جهة أنه مصنوع منه، فيكون الحديد هو الأصل، والخاتم مشتق منه، فهو فرعه بهذا الاعتبار، وضابطه: كل فرع حصل له بالتفريع اسم خاص يليه أصله، ويكون مما يصح إطلاق الاسم عليه. "ومثله" أي: مثل "خاتم حديدًا" في ذلك "باب ساجا"، فإن "الباب" فرع "الساج" والساج نوع من الخشب، "و: جبة خزا" فإن الجبة فرع الخز، والخز نوع من الحرير، "وقيل" في المنصوب بعد "الخاتم" وبعد "الباب" وبعد "الجبة": "إنه حال".

وينبني عليهما الخلاف في الاتباع، فمن خرج النصب على التمييز قال: إن التابع عطف بيان١. ومن خرجه على الحال، قال: إنه نعت٢. والأول أولى؛ لأنه جامد جمودًا محضًا، فلا يحسن كونه حالًا ولا نعتًا.

"والنسبة المبهمة نوعان: نسبة الفعل للفاعل نحو: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} " [مريم: ٤] فإن نسبة "اشتعل" إلى "الرأس" مبهمة، و"شيبًا" مبين لذلك الإبهام، وهذا التمييز محول عن الفاعل، والأصل: واشتعل شيب الرأس, فحول الإسناد من المضاف؛ وهو شيب؛ إلى المضاف إليه؛ وهو الرأس؛ فارتفع، ثم جيء بذلك المضاف الذي حول عنه الإسناد فضلة وتمييزًا.


١ قال بذلك المبرد، انظر المقتضب ٣/ ٢٥٩.
٢ قال بذلك سيبويه، انظر الكتاب ٢/ ١١٧, ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>