للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذ ليس المراد أن الخوف واقع في ذلك اليوم، والعلم واقع في ذلك المكان، وإنما المراد أنهم يخافون نفس اليوم، وأن الله تعالى يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة، "فانتصابهما على المفعول به"؛ لأن الفعل واقع عليهما لا فيهما، وناصب لفظ "يوما": "يخافون"، "وناصب" محل "حيث" فعل مضارع منتزع من لفظ "أعلم" تقديره "يعلم" حال كونه "محذوفًا" لدلالة "أعلم" عليه لا "أعلم" المذكور الذي هو اسم تفضيل؛ "لأن اسم التفضيل لا ينصب المفعول به إجماعًا"، هذا وقد قال الموضح في الحواشي ومن خطه نقلت: قال محمد بن مسعود بن الزكي في كتاب البديع: غلط من قال إن اسم التفضيل لا يعمل في المفعول به، لورود السماع بذلك، كقوله تعالى: {هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} [الإسراء: ٨٤] وليس تمييزًا؛ لأنه ليس فاعلًا في المعنى كما هو في "زيد أحسن وجها" وقول العباس بن مرداس: [من الطويل]

٤٠٨-

..................... ... وأضرب منا بالسيوف القوانسا

ا. هـ. وفي الارتشاف لأبي حيان١: وقال محمد بن مسعود الغزني: أفعل التفضيل ينصب المفعول به قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١١٧] . ا. هـ. وفي جعل "حيث" مفعولًا بها نظر؛ لأن هذا ضرب من التصرف.

وفي التسهيل٢: إن تصرف "حيث" نادر. وشرحه المرادي بقوله: لم تجئ حيث فاعلا، ولا مفعولا بها، ولا مبتدأ، ا. هـ.

ولهذا قال الدماميني ٣: ولو قيل: إن المراد: يعلم الفضل الذي هو في محل الرسالة لم يبعد، وفيه إبقاء "حيث" على ما عهد لها من ظرفيتها والمعنى: أن الله تعالى لن يؤتيكم مثل ما أوتي رسله من الآيات؛ لأنه يعلم ما فيهم من الذكاء، والطهارة، والفضل، والصلاحية للإرسال، ولستم كذلك. ا. هـ.


٤٠٨- صدر البيت:
"أكر وأحمى للحقيقة منهم"
، وهو للعباس بن مرداس في ديوانه ص٩٣، والأصمعيات ص٢٠٥، وحماسة البحتري ص٤٨، وخزانة الأدب ٨/ ٣١٩، ٣٢١، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص٤٤١، ١٧٠٠، ولسان العرب ٦/ ١٨٤، "قنس"، ونوادر أبي زيد ص٥٩، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١/ ٣٤٤، ٤/ ٧٩، وخزانة الأدب ٧/ ١٠، وشرح الأشموني ١/ ٢٩١، ومغني اللبيب ٢/ ٦١٨.
١ الارتشاف ٣/ ٢٢٥.
٢ التسهيل ص٩٦.
٣ انظر قول الدماميني في حاشية الصبان ٢/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>