للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: به، أنشده أبو الفتح١، "وشذ قوله" وهو حاتم بن عدي الطائي: [من الوافر]

١٢٦-

ومن حسد يجوز علي قومي ... "وأي الدهر ذو لم يحسدوني"

فـ"أي" استفهامية مبتدأ، و"ذو": خبره وهي موصولة عند الطائيين واقعة على الدهر، وجملة "لم يحسدوني": صلتها والعائد محذوف، "أي: فيه"، والذي سهل حذفه كون مدلول الموصول زمانا، وقد عاد عليه الضمير المجرور بـ"في" كما تقول: أعجبني اليوم الذي جئت، تريد فيه، وجعله بعضهم منقاسا بخلاف غير الزمان، فإنه لا يتعين فيه الجار، وهذا ظاهر إن قلنا بأن الحذف ليس على التدريج، كما يقول به الإمام سيبويه. أما إذا قلنا إنه على التدريج كما يقول به الأخفش فلا يكون شاذا؛ لأنه لما حذف في أولا صار الضمير منصوبا على المفعول به توسعا، فكأنه قال: وأي الدهر ذو لم يحسدونيه، ثم حذفت الهاء. وحذف الضمير المنصوب بالفعل كثير كما تقدم, ويمكن أن يخرج عليه قوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ} [الشورى: ٢٣] أي: به، فحذف الجار أولا والضمير ثانيا من نصب لا من جر. وذهب يونس وابن الزكي في البديع إلى أن الذي في الآية الشريفة موصول حرفي ولا حذف.

"و" شذا أيضا "قوله" وهو رجل من بني همدان: [من الطويل]

١٢٧-

وإن لساني شهدة يشتفي بها ... "وهو على من صبه الله علقم"

أي: عليه. أنشده الفارسي. و"شهدة" بضم الشين المعجمة: العسل بشمعه، و"هو" بتشديد الواو المفتوحة على لغة فيها: مبتدأ و"علقم" خبره، و"على من" متعلق بـ"علقم"؛ لأنه بمعنى مر. و"العلقم": الحنظل، وجملة "صبه الله" صلة من المجرورة بـ"على" والعائد على "من" محذوف مجرور بـ"على"، وهي متعلقة بـ"صب"، والتقدير: وهو علقم على من صبه الله عليه، والمعنى: وإن لساني مثل العسل والشهد


١ الخصائص ٣/ ٣٥.
١٢٦- البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص٢٧٦، وتخليص الشواهد ص١٦٤، وشرح التسهيل ١/ ١٩٩، ٢٠٦، والمقاصد النحوية ١/ ٤٥١، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ١٧٥، وشرح الأشموني ١/ ٨١.
١٢٧- البيت لرجل من همدان في المقاصد النحوية ١/ ٤٥١، وبلا نسبة في الارتشاف ٣/ ٢٧٣، وأوضح المسالك ١/ ١٧٧، وتخليص الشواهد ص١٦٥، والجنى الداني ص٤٧٤، وخزانة الأدب ٥/ ٢٦٦، والدرر ١/ ٩٧، ٢/ ٥١٩، وشرح ابن الناظم ص٦٨، وشرح الأشموني ١/ ٨١، وشرح التسهيل ١/ ١٤٤، وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٤٢، وشرح المفصل ٣/ ٩٦، ولسان العرب ١٥/ ٤٧٨ "ها"، ومغني اللبيب ٢/ ٤٣٤، وهمع الهوامع ١/ ٦١، ٢/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>