كالمثال المذكور جاز حذفه، وإن كان عائدا على "أل" نحو: "جاءني الضاربه زيد" امتنع حذفه لما تقدم من التعليل، "وشذ قوله": [من البسيط]
١٢٣-
"ما المستفز الهوى محمود عاقبة" ... ولو أتيح له صفو بلا كدر
فحذف العائد إلى "أل" المنصوب بالوصف و"ما": نافية، والمستفز؛ بالسين المهملة والفاء والزاي؛ بمعنى: المستخف، اسم "ما" و"المحمود" خبرها إن كانت حجازية، وأتيح؛ بالبناء للمفعول بتاء مثناة فوق فياء مثناة تحت فحاء مهملة بمعنى قدر؛ والمعنى: ليس المستفز الهوى محمود عاقبة ولو قدر له صفو خالص من الكدر.
"وحذف منصوب الفعل كثير"؛ لأن الأصل في العمل للفعل، فكثر تصرفهم في معموله بالحذف، "و" حذف "منصوب الوصف قليل" جدا، بل قال الفارسي: لا يكاد يسمع من العرب، قال ابن السراج: أجازوه على قبح، وقال المبرد: رديء جدا، وعلى هذا فيشكل قول الناظم:
١٠٢-
............................. ... والحذف عندهم كثير منجلي
١٠٣-
في عائد متصل إن انتصب ... بفعل أو وصف..................
فسوى بين منصوب الفعل والوصف في كثرة الحذف، "ويجوز حذف" العائد "المجرور بالإضافة، إن كان المضاف" الجار للعائد "وصفا" ناصبا للعائد تقديرا بأن كان اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال "غير ماض"، خلافا للكسائي "نحو: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}[طه: ٧٢] والأصل: فاقض الذي أنت قاضيه، فحذف العائد على ما موصول اسمي. قال الموضح في الحواشي: و"ما" هذه تحتمل أن تكون مصدرية، أي: اقض قضاءك أو مدة قضائك، بدليل:{إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}[طه: ٧٢] ا. هـ. ولكنه حاول شرح قول الناظم:
١٠٤-
كذاك حذف ما بوصف خفضا ... كأنت قاض بعد أمر من قضى
"بخلاف: جاء الذي قام أبوه" لأن المضاف الجار للعائد ليس بوصف، "أو": جاء الذي "أنا أمس ضاربه" لأن المضاف وصف ماض، وهو لا يعمل على الأصح، وبخلاف: جاء الذي أنا مضروبه؛ لأن الوصف اسم مفعول، وإنما لم يجز حذفه فيهن؛ لأنه ليس منصوبا تقديرا، "و" يجوز حذف العائد "المجرور بالحرف إن كان" في
١٢٣- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ١٧١، وتخليص الشواهد ص١٦١، والدرر ١/ ١٧٣، وشرح الأشموني ١/ ٧٩، وشرح التسهيل ١/ ٢٠٧، والمقاصد النحوية ١/ ٤٤٧، وهمع الهوامع ١/ ٨٩.