للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وكل جواب يمتنع جعله شرطًا" لخلوه عما شرط، "فإن الفاء تجب فيه" لتربطه بشرط، لأن الجزم الحاصل به الربط مفقود، وليس على تقدير [الظهور] ١.

وخصت الفاء بذلك لما فيها من معنى السببية، ولمناسبتها للجزاء معنى. "وذلك" من حيث إن معناه التعقيب بلا فصل. كما أن الجزاء يتعب على الشرط كذلك.

والممتنع جعله شرطًا. "الجملة الاسمية، نحو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} " [الأنعام: ١٧] فـ"هو" مبتدأ و"قدير" خبره. "وعلى كل شيء" تتعلق بـ"قدير". فإن قلت: "قدير" صفة مشبهة فكيف تقدم معمولها عليها. قلت: قد مضى، في بابها؛ أن عملها في الظرف وعديله لما فليها من رائحة الفعل، وذلك لا يمنع التقديم.

والجملة الطلبية نحو: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: ٣١] وقس عليه بقية أنواع الطلب من النهي والدعاء، ولو بصيغة الخر والاستفهام والعرض والتحضيض٢ والتمني والترجي. ولا نطيل بأمثلتها، فالذكي ينال بمثال الواحد ما لا يناله الغبي بألف شاهد.

وقد تكون الجملة الواحدة اسمية طلبية في آن واحد، وقد اجتمعتا٣ في قوله تعالى {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: ١٦٠] فجملة: "من ذا الذي ينصركم" اسمية، لأن صدره اسم وهو "من" وطلبية لأن "من" فيها استفهامية وهي مبتدأ، و"ذا" اسم إشارة خبرها، "والذي": نعت له أو بيان، ويحتمل أن تكون "ذا" ملغاة، والخبر الموصول والجملة جواب الشرط.

"والتي فعلها" ماضي المعنى، نحو: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: ٢٦] قاله الموضح في شرح الشذور٤. وقال الشاطبي٥: هو على إضمار "قد" أي: فقد صدقت.

"والتي فعلها جامد، نحو: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف: ٣٩] {فَعَسَى رَبِّي " أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ} [الكهف: ٤٠] . "أو مقرون بـ"قد"، نحو:


١ إضافة من "ب"، "ط".
٢ في "ب": "التخصيص".
٣ في "أ": "اجتمعا".
٤ شرح شذور الذهب ص٣٤١.
٥ انظر شرح المرادي ٤/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>