للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخر؛ لعلمه بأنها ليست من موضوع الكتاب، وإنما ذكرت استئناسًا واستشهادًا"١.

فلا مؤأخذة إذن على البخاري ومسلم إذا كان الحديث المنتقد ليس من موضوع -أي أصل- الكتاب. وأما بالنسبة للطعن فيما كان من أصل الكتابين، فإن ذلك الطعن مبني على قواعد -لبعض المحدثين- ضعيفة جدًّا مخالفة لما عليه الجمهور من أهل الثقة والأصول وغيرهم٢.

وقد بلغ جملة الأحاديث المنتقدة من قِبَل بعض الحفاظ كالدارقطني وأبي مسعود الدمشقي وأبي علي الغساني الجياني -وغيرهم- مائتا حديث وعشرة، اشترك الشيخان في اثنين وثلاثين، واختص البخاري بثمانية وسبعين حديثًا، ومسلم بمائة حديث٣.

ومن تتبع الأحاديث -التي تكلموا فيها- وانتقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم، قضى بصحتها وسلامتها من كل نقد، قد أجمع أهل العلم على أن رجلًا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في الصحيحين من المسندات -مما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه، ورسوله صلى الله عليه وسلم قاله لا شك فيه- أنه لا يحنث والمرأة بحالها في حبالته٤.

وقد ابتلينا هذه الأيام بمن سولت له نفسه نقد ما أجمع الأئمة -من علماء الحديث والخبراء بعلله- على صحته من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وادَّعى هؤلاء أنهم درسوا الصحيحين دراسة تفهم وتدبر، ونبذوا التعصب وتوصلوا إلى ما وصلوا إليه بفضل القواعد العلمية الحديثة لا الأهواء الشخصية أو الثقافة الأجنبية!! ٥


١ هدى الساري "ص٣٤٤، ٣٤٥"، ط بولاق.
٢ راجع: هدى الساري "ص٣٤٤".
٣ راجع: هدى الساري "ص٣٤٥".
٤ راجع: المقدمة لابن الصلاح "ص١٣"، وشرح مسلم للنووي "١/ ١٢٧".
٥ راجع كلام الألباني في: مقدمة شرح العقيدة الطحاوية "ص١٤، ١٥" ط المكتب الإسلامي، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل "حديث رقم ١٠٢١".

<<  <   >  >>