للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيخ -يعني ابن الصلاح- في هذه المواضع خلاف ما قاله المحققون والأكثرون، فإنهم قالوا: أحاديث الصحيحين التي ليست بمتواترة إنما تفيد الظن؛ فإنها آحاد، والآحاد إنما تفيد الظن على ما تقرر، ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك.

"قال": وتلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما، وهذا متفق عليه، فإن أخبار الآحاد التي في غيرهما يجب العمل بها إذا صحت أسانيدها، ولا تفيد إلا الظن، فكذا الصحيحان، وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحًا لا يحتاج إلى النظر فيه؛ بل يجب العمل به مطلقًا، وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر فيه، ويوجد فيه شروط الصحيح، ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه من كلام النبي -صلى الله عليه ويسلم- "قال": وقد اشتد إنكار ابن برهان على مَن قال بما قاله الشيخ، وبالغ في تغطيته"١.

وقال الإمام السيوطي: "وكذا عاب ابن عبد السلام على ابن الصلاح هذا القول"٢.

هذا، وقد رأى الدكتور/ مصطفى السباعي أن ذلك مذهب الجمهور٣.

قال الدكتور/ إسماعيل سالم عبد العال: "وهو ما نميل إليه ونأخذ به"٤.

قلت: وأنا أميل إلى ما ذهب إليه ابن الصلاح؛ وذلك لأسباب منها: دقة شروط البخاري في صحيحه، ومنها أن البخاري عرض هذه الأحاديث كلها على شيوخه وأئمة عصره، فأقروها سوى أحرف يسيرة.


١ شرح النووي على صحيح مسلم "١/ ١٥".
٢ تدريب الراوي "١/ ١٦٥".
٣ السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي "ص٥٠٢".
٤ دراسات في السُّنة "ص١٤٧".

<<  <   >  >>