للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلا فلبيت مال المسلمين، يرثونه، ويعقلون عنه١.

فقد صرح عمر في هذا النص بأن بيت المال كما يكون وارث من لا وارث له، كذلك يقوم بدفع دية من لا عاقلة له؛ إذ الغرم بالغنم.

فإن لم يوجد بيت المال أو تعذر الوصول إليه فيمكن أن نأخذ بقول المالكية والشافعية على الأصح: إنها تجب على الجاني في ماله وتنجم عليه على الظاهر؛ لأن القتل خطأ، فهو في هذه الحالة قائم مقام العاقلة "الشرح الكبير للدسوقي ج٤، ص٢٥١".

مظاهر التخفيف في دفع العاقلة الدية:

راعَى المشرع الحكيم ظروف الجناية من حيث كونها وقعت خطأ، فخفف عن الجاني عبثها وأشرك معه العاقلة، كما راعى ظروف العاقلة؛ حيث إنها لم ترتكب جناية ولم يكن لها اشتراك فعلي في اقتراف الجاني لها فخفف عنها، وقد بدأ التخفيف واضحا في عدة مظاهر:

أولا: إعفاء من لا تمكنهم ظروفهم الطبيعية أو الاجتماعية من دفع الدية:

العاقلة -سواء كانت هي أهل الديوان أم العصابات- قطعة من المجتمع يوجد فيها القوي والضعيف، والصغير والكبير، والقادر والعاجز؛ ولذلك رأينا الفقهاء يتناولون بالبحث من اكتنفتهم بعض مظاهر الضعف، طبيعيا كان الضعف أم اجتماعيا، أم ماليا، أم صحيا؛ نظرا لأن حالتهم تستدعي أن يواسوا ويساعدوا لا أن يواسوا غيرهم ويساعدوه٢، ونوضح ذلك فيما يلي:


١ المحلى لابن حزم ج٢١، ص٦٣.
٢ فتح القدير ج٨، ص٤٠٧، والشرح الكبير لابن قدامة ج٩، ص٥٣٢.

<<  <   >  >>