للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر جمهور فقهاء الشافعية أمثلة لما اختلف الفقهاء، في حكمه إذا أباحه بعض الفقهاء، ولم يبحه البعض الآخر، من ذلك ما يأتي:

أ- الزواج الذي لم يحضره ولي، أو لم يحضر وقت عقده شهود، فقد أجاز الإمام أبو حنيفة الزواج الذي لم يحضر وقت إجراء عقده ولي، كما أجاز الإمام مالك الزواج الذي لم يحضر إجراء عقده شهود، وعلى هذا فقد ذهب جمهور فقهاء الشافعية، إلى القول بأنه ما دام أحد الفقهاء قد أجاز هذا الزواج، فإن إجازته له تنتج شبهة في حق من دخل بامرأة في ظل زواج مثل هذا.

وعليه فلا يعد فعله جريمة من الجرائم المعاقب عليها، لقيام شبهة الدليل في حقه، وهي شبهة تدرء العقوبة الحدية.

وقد أورد جمهور فقهاء الشافعية في معرض حديثهم عن شبهة الجهة حكم الوطء في ظل زواج المتعة١.


العقد أيضًا وطء الحرمة عليه، إذا كان ذلك الوطء في ظل عقد، وذكر الإمام أبو حنيفة تحت شبهة العقد أيضًا وطء المستأجرة للزنى، وأسقط الحد بسبب هذا العقد، وإلزمها التعزير، وخالف في ذلك الصاحبان والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد فتح القدير ج٥ ص٢٥٣-٢٦٢.
أما فقهاء المالكية، فقد تحدثوا عن حكم ذلك كله، ولكن لم يذكروا تسمية لهذه الشبهات "حاشية الدسوقي ج٤ ص٢١٤ وما بعدها الخرشي ج٨ ص٧٨ وما بعدها".
ولقد أطلقت على هذه الشبهات شبهة الدليل؛ لأن الخلاف في ذلك مرجعه أن كل صاحب رأي استدل بدليل، ورجحه واعتمد عليه في ما ذهب إليه، لهذا أثرت تسميتها بشبهة الدليل.
١ أورد أستاذي الدكتور سلام مدكور صورة نكاح المتعة، كما صورها الكاساني بقوله:
"أعطيتك كذا على أن أتمتع بك يومًا أو شهرًا أو سنة، وكذا منه أن يقول: رجل غريب عن البلاد لامرأة واطنة خالية من الأزواج، وعدتهم ومن الموانع الشرعية: أتمتع بك منذا إقامتي في البلدة نظير أن أعطيك كذا، فتقول: قبلت"، وهذا عقد باطل باتفاق فقهاء المسلمين عدا الشيعة الإمامية -وإن حضره شهود، ولا يترتب عليه أي حكم من أحكام الزواج.
الوجيز لأحكام الأسرة ص٤١، "نظرية الإباحة عند الأصوليين والفقهاء ص٢٢١.

<<  <   >  >>