كما أن القول بالتفريق بين المستأمن وغيره، ممن يقيم بالدولة الإسلامية في محاولة إنجاء المستأمن، وغيره من العقاب على بعض ما يرتكبه من جرائم، قد فتح باب مفارقة الجرائم أمام هؤلاء المستأمنين، وقد يكون منهم من لا رادع له من خلق أو دين، وإنجاؤه من العقاب تضييع لحرمات الله، وحث له ولغيره على الإثم والخطيئة، ولكم عانت الأمة من التفريق في المعاملة القانونية، وألوان الحماية المختلفة١.
وإنه لمن الأنفع للدولة وللأفراد جميعًا، أن يدفع الفساد بالعقوبة العنيفة الرادعة. وفي ذلك الخير وحماية الأخلاق، والفضيلة بدلًا من أن تراعى حرية بعض فاسدي النفوس والطبائع، الذين يعيثون في الأرض فسادًا، وهم آمنون من العقاب.
مما لا شك فيه أن الضرب على أيدي هؤلاء، وإلزامهم عقوبة ما ارتكبوه من جرائم حتى ولو لم تكن الأفعال محرمة في قانون وطنهم أنفع من كل الوجوه، مما ذهب إليه، ورعاه الإمام أبو حنيفة، أيا كان هدفه، أو قاعدته التي اعتمد عليها في القول بذلك.
الاتجاه الثاني: ويمكن أن يطلق عليه اتجاه الإلزام الشخصي.
والولاية فيه أعم من سابقه، إذ أنه مبني على أساب ولاية الدولة الإسلامية على كل من يقيم، أو يوجد فيها وقت ارتكابه الجريمة بصرف النظر عن ديانته، أو بلده التابع له، سواء أكان مسلمًا أم ذميًا، أم مستأمنًا.
ثم يلزم القائلون بهذا الاتجاه أيضًا كل مسلم عقوبة جنايته التي
١ التشريع الجنائي الإسلامي للأستاذ عبد القادر عوده ط ص٢٩٠ ط بيروت.