كما أمر الله المسلمين كافة بالجهاد. إذا ما هاجم الكفار ديار المسلمين، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: {١٢٣] .
كما أن إصلاح ذات البين في المجتمع المسلم جهاد في سبيل الله. وذلك حتى لا تتفكك عرى المسلمين, وينقسموا شيعًا وأحزابًا, ينتصر كل حزب لفريق من المتخاصمين، وحتى لا تستهلك قوة المسلمين في الاقتتال فيما بينهم بدلا من أن توجه ضد أعداء الله، وحتى لا يضعف المسلمين فيغري هذا أعداءهم باحتلال بلادهم وتبديل دينهم, والذهاب بطريقتهم ومنهجهم. وقاية من هذا كله كلف الله المسلمين بأن يصلحوا بين المسلمين المتقاتلين, وكسر شوكة الباغي منهم ثم عقد الصلح بينهم بالعدل والقسط. وقد جاء هذا التوجيه صريحًا في قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ٩، ١٠] .
ومن أسس الجهاد في سبيل الله أن يكون المسلمون على أهبة الاستعداد دائمًا للدفاع عن دينهم وعقيدتهم. وذلك بالأخذ بأسباب القوة طبقًا لمعايير العصر ومستحدثاته، وإعداد القوة المتيقظة الواعية المؤمنة بربها الحفيظة على دينها المتمسكة بعقيدتها القادرة على الدفاع عن دين الله، إذا ما حاول أعداء المسلمين وأعداء الله غزو بلاد المسلمين. وقد جاء هذا التوجيه في قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}[الأنفال: ٦٠] .
ومن أسس الجهاد في سبيل الله، أن يستخدم المسلمون القوة التي أمرهم الله بإعدادها للجهاد في سبيل الله, وفي سبيل نصرة المستضعفين من المؤمنين.