وَمِنْهُم أَبُو نصر بشر بْن الْحَارِث الحافي أصله من مرو وسكن بغداد وَمَاتَ بِهَا وَهُوَ ابْن أخت عَلِي بْن خشرم، مَات سنة سبع وعشرين ومائتين وَكَانَ كبير الشأن، وَكَانَ سبب توبته أَنَّهُ أصاب فِي الطريق كاغدة مكتوبا فِيهَا اسم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وطئتها الأقدام فأخذها واشترى بدرهم كَانَ مَعَهُ غالية فطيب بِهَا الكاغدة وجعلها فِي شق حائط، فرأى فيما يرى النائم كأن قائلا , يَقُول لَهُ: يا بشر , طيبت اسمي لأطيبن اسمك فِي الدنيا والآخرة.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه , يَقُول: مر بشر ببعض النَّاس فَقَالُوا: هَذَا الرجل لا ينام الليل كُلهُ ولا يفطر إلا فِي كُل ثلاثة أَيَّام مرة فبكى بشر فقيل لَهُ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ إني لا أذكر أنى سهرت ليلة كاملة ولا أنى صمت يوما لَمْ أفطر من ليلته ولكن اللَّه سبحانه وتعالى يلقى فِي القلوب أَكْثَر مِمَّا يفعله العبد لطفا منه سبحانه وكرما، ثُمَّ ذكر ابتداء أمره كَيْفَ كَانَ عَلَى مَا ذكرناه.