للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمرة الثانية في عام "٣٣هـ/ ٦٥٤م" ففتحها عنوة، وأخذ السبي منها وأقر أهلها على صلحهم، وعمد إلى تمصيرها، واستقرار المسلمين فيها، فبعث إليها اثني عشر ألفًا من أهل الديوان المكتتبين، فبنوا بها المساجد، كما نقل إليها جماعة من أهل بعلبك، وبنى بها مدينة، وأقاموا يعطون الأعطيات إلى أن توفي١.

غزو الجزر البحرية:

تتابعت الغارات الإسلامية على جزر البحر المتوسط، مثل أرواد وكوس ورودس، وهي التي تتحكم في المضائق البحرية، وبدأ المسلمون بجزيرة أرواد قرب ساحل بلاد الشام بين طرابلس وجبلة، أمام مدينة أنطرطوس، وقد هاجمتها الحملة الأولى العائدة من قبرص، ونزل الجنود المسلمون على أرض الجزيرة، لكن أهلها اعتصموا بالقلعة، فلم تفتح إلا في عام "٢٩هـ/ ٦٥٠م" في الوقت نفسه التي فتحت فيه جزيرة كوس٢، غير أن البلاذري يذكر أن جزيرة أرواد فتحت في عام "٥٤هـ/ ٦٧٤م" على على يد جنادة بن أبي أمية، وأسكنها معاوية المسلمين٣، والواقع أن الحملات البحرية كانت تتوالى على هذه الجزر، ولم يتسن للمسلمين إخضاعها في حملة واحدة، أو عام واحد.

غزوة إفريقية:

كان عمرو بن العاص قد أمن حدود مصر الغربية بفتح برقة صلحًا في عام "٢٢هـ/ ٦٤٣م"، وفتح طرابلس الغرب عنوة في العام التالي، وفي عام "٢٧هـ/ ٦٤٨م"، ولي مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فاستأنف عمليات الفتوح، وكان البيزنطيون يسيطرون على إفريقية، فأرسل سراياه إلى أطراف هذه البلاد، ثم استأذن عثمان بغزوها، فأذن له، وأرسل إليه مددًا بقيادة الحارث بن الحكم٤، وخرج عبد الله بن سعد بن أبي سرح على رأس جيش كثيف قاصدًا قرطاجنة٥، وهي مركز تجمعات الجيوش البيزنطية بقيادة جرجيوس، فلما علم القائد البيزنطي بزحف المسلمين حشد جيشًا مؤلفًا من مائة وعشرين ألف مقاتل٦، واصطدم بهم في مكان يبعد عن سبيطلة٧ يومًا وليلة، وتبادل الطرفان النصر والهزيمة، ولم يحقق أي منهما انتصارًا واضحًا، ولم يتغير الموقف العسكري لصالح المسلمين إلا عندما أرسل الخليفة عثمان مددًا بقيادة عبد الله بن الزبير، وقتل القائد البيزنطي في المعركة، وفر من نجا من


١ البلاذري: ص١٥٨.
٢ ابن أعثم: ج٢ ص١٤٥، ١٤٦.
٣ فتوح البلدان: ص٢٣٧.
٤ الطبري: ج٤ ص٢٥٣، ٢٥٤.
٥ قرطاجنة: تقع بالقرب من تونس الحالية.
٦ ابن كثير: ج٧ ص١٥٢.
٧ سبيطلة: مدينة من مدن إفريقية، بينها وبين القيروان سبعون ميلًا، الحموي: ج٣ ص١٨٧.

<<  <   >  >>