وحاصل القول في هذه المسألة أن النحاة اختلفوا، هل يكون خبر المبتدأ الواقع بعد لولا كونا خاصا أو لا؟ فقال الجمهور: لا يكون كونا خاصا ألبتة، بل يجب كونه كونا عاما ويجب مع ذلك حذفه، فإن جاء الخبر كونا خاصا في كلام ما فهو لحن أو مؤول، وقال غيرهم، يجوز أن يكون الخبر بعد لولا كونا خاصا، لكن الاكثر أن يكون كونا عاما، فإن كان الخبر كونا عاما وجب حذفه كما يقول الجمهور، وإن كان الخبر كونا خاصا، فإن لم يدل عليه دليل وجب ذكره، وإن دل عليه دليل جاز ذكره وجاز حذفه، فلخبر المبتدأ الواقع بعد لولا حالة واحدة عند الجمهور، وهي وجوب الحذف، وثلاثة أحوال عند غيرهم، وهي: وجوب الحذف، ووجوب الذكر، وجواز الامرين، وقد قدمنا لك أن الواجب حمل كلام الناظم على هذا، لانه صرح باختياره في غير هذا الكتاب، وقد ذكر الشارح نفسه أن هذا هو اختيار المصنف. (١) المراد بكون المبتدأ نصا في اليمين: أن يغلب استعماله فيه، حتى لا يستعمل في غيره إلا مع قرينة، ومقابل هذا ما ليس نصا في اليمين وهو: الذي يكثر استعماله في غير القسم حتى لا يفهم منه القسم إلا بقرينة ذكر المقسم عليه، ألا ترى أن " عهد الله " قد كثر استعماله في غير القسم نحو قوله تعالى: (وأوفوا بعهد الله) وقولهم: عهد الله يجب الوفاء به، ويفهم منه القسم إذا قلت: عهد لافعلن كذا، لذكرك المقسم عليه. (٢) إن كان من غرض الشارح الاعتراض على الذين ذكروا هذا المثال لحذف الخبر وجوبا لكون المبتدأ نصا في اليمين فلا محل لاعتراضه عليهم بأن ذلك يحتمل أن يكون =