للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعاصي، وانظر فيما تطلبه هل هو لإصلاح دينك، أو لمجرد هواك؟ فإن كان للهوى المجرد فاعلم أن من اللطف بك والرحمة لك تعويقه، وأنت في إلحاحك بمثابة الطفل يطلب ما يؤذيه فيمنع رفقاً به، وإن كان لصلاح دينك فربما كانت المصلحة تأخيره، أو كان صلاح الدين بعدمه، وفي الجملة تدبير الحق عز وجل لك خير من تدبيرك. وقد يمنعك ما تهوى ابتلاء ليبلو صبرك، فأرِه الصبر الجميل ترَ عن قربٍ ما يُسرُّ. ومتى نظفت طرق الإجابة من أدران الذنوب، وصبرت على ما يقضيه لك، فكل ما يجري أصلح لك؛ عطاء كان أو منعاً" (١).

وقال يحيى بن معاذ الرازي: "لا تستبطئن الإجابة إذا دعوت وقد سددتَ طرقها بالذنوب" (٢).

"ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء: أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة، فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرسًا فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله" (٣).

فـ"لا يكُنْ تَأخُّرُ أَمَد العَطاء مَعَ الإلْحاح في الدّعَاءِ موجبَاً ليأسِك؛ فهو ضَمِنَ لَكَ الإجابَةَ فيما يختارُهُ لكَ، لا فيما تختاره لنَفْسكَ، وفي الوقْتِ الذي يريدُ لا في الوقْت الذي تُريد" (٤).

تاسعًا: البعد عن أكل الحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: ٥١]، وقال: {يَا أَيُّهَا


(١) صيد الخاطر، لابن الجوزي (ص: ١٤٣).
(٢) شعب الإيمان، للبيهقي (٢/ ٥٤).
(٣) الجواب الكافي، لابن القيم (ص: ٥).
(٤) شرح الحكم العطائية (ص: ١٩).

<<  <   >  >>