للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأحمد عن عبد الله بن مسعود أن رجلاً تصدق بناقة مخطومة في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتأتين يوم القيامة بسبعمائة مخطومة " هذا لفظ أحمد والنسائي. ولفظ مسلم: جاء رجل بناقة مخطومة، فقال: يا رسول الله. هذه في سبيل الله، فقال: " لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة " (١) .

وأما الأعمال التي تضاعف أضعافاً لا تدخل تحت حصر، ولا يحصيها إلا الذي يجزى بها: الصوم، ففي الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: " إلا الصوم فإنه لي: وأنا أجزي به " (٢) .

والسر في كون الصائم يعطى من غير تقدير، أن الصوم من الصبر، والصابرون يوفون أجورهم بغير حساب، قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: ١٠] ، قال القرطبي: " وقال أهل العلم: كل أجر يكال كيلاً، ويوزن وزناً إلا الصوم، فإنه يحثى ويغرف غرفا " (٣) .

ومن الصبر: الصبر على فجائع الدنيا وأحزانها وكربها التي يبتلي الله بها عباده (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: ١٥٥-١٥٧] .

وعندما يرى أهل العافية عظم أجر الصابرين يتمنون أن تكون جلودهم قرضت


(١) تفسير ابن كثير: (١/٥٦٢) .
(٢) مشكاة المصابيح: (١/٦١٣) ، ورقمه: ١٩٥٩. وهو في صحيح مسلم، ورقمه: ١١٥١ ورواه البخاري في مواضع: ١٨٩٤، ١٩٠٤، ٥٩٢٧. واللفظ لمسلم.
(٣) تفسير القرطبي: (١٥/٢٤٠) .

<<  <   >  >>