للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذه القاعدة العظيمة إحدى الشرائع التي اتفقت الرسالات السماوية على تقريرها، قال تعالى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى - وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى - أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى - وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى - وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى - ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى) [النجم: ٣٦-٤١] .

يقول القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام: ١٦٤] " أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى، لا تؤخذ نفس بذنب غيرها، بل كل نفس مأخوذة بجرمها ومعاقبة بإثمها، وأصل الوزر الثقل، ومنه قوله تعالى: (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ) [الشرح: ٢] ، وهو هنا الذنب،.. والآية نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يقول: اتبعوا سبيلي أحمل أوزاركم، ذكره ابن عباس، وقيل: إنها نزلت رداً على العرب في الجاهلية من مؤاخذة الرجل بأبيه وابنه، وبجريرة حليفه " (١) .

الذين يجمعون أثقالاً مع أثقالهم:

قد يعارض بعض أهل العلم هذا الذي ذكرناه من أن الإنسان لا يحمل شيئاً من أوزار الآخرين بمثل قوله تعالى: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ) [العنكبوت: ١٣] ، وقوله: (وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ) [النحل: ٢٥] .

وهذا الذي ذكروه موافق لما ذكرناه من النصوص، وليس بمعارض لها،


(١) تفسير القرطبي: (٤/١٥٧) .

<<  <   >  >>