للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط عليه " (١) .

وإن هذا الحوار الذي يجري بين العبد وجوارحه موضع عجب واستغراب، وقد أضحك هذا الموقف الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الذي يرويه مسلم عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك.

فقال: " هل تدرون مم أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم.

قال: من مخاطبة العبد ربه. يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟

قال: يقول: بلى.

قال: فيقول: إني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني.

قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، ثم يختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله.

قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام.

قال: فيقول: بعداً لكنَّ وسحقاً، فعنكن كنت أناضل " (٢) .

٦- ويخاصم البدن في يوم القيامة الروح:

قال ابن كثير: " وقد روى ابن منده في كتاب (الروح) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يختصم الناس يوم القيامة حتى تختصم الروح مع الجسد، فتقول الروح للجسد: أنت فعلت. ويقول الجسد للروح: أنت أمرت، وأنت سولت.

فيبعث الله ملكاً يفصل بينهما، فيقول لهما:

إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير، والآخر ضرير دخلا بستاناً. فقال المقعد للضرير: إني أرى ها هنا ثماراً، ولكن لا أصل إليها.


(١) رواه مسلم في صحيحه: (٤/٢٢٨٠) ورقمه: ٢٩٦٩.
(٢) رواه مسلم في صحيحه: (٤/٢٢٨٠) ورقمه: ٢٩٦٩.

<<  <   >  >>