للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بني هاشم وبني المطلب [٦٥] سنتين أو ثلاثاً، حتى جهد القوم جهداً شديداً لا يصل إليهم شيء إلا سراً، أو مستخفاً ممن أراد صلتهم من قريش، فبلغني أن حكيم بن حزام خرج يوماً ومعه انسان يحمل طعاماً إلى عمته خديجة ابنة خويلد، وهي تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه في الشعب، إذ لقيه أبو جهل فقال: تذهب بالطعام إلى بني هاشم والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك عند قريش، فقال له أبو البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد: تمنعه أن يرسل إلى عمته بطعام كان لها عنده، فأبى أبو جهل أن يدعه، فقام إليه أبو البختري بساق بعير فشجه ووطئه وطئاً شديداً، وحمزة بن عبد المطلب قريباً يرى ذلك وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيشمتوا بهم، فقال أبو البختري بن هاشم «١» في ذلك:

ذق يا أبا جهل لقيت غماً ... كذلك الجهل يكون ذما

سوف ترى عودي إن ألما ... كذلك اللوم يعود ذما

تعلم أنا نفرج المهما ... ونمنع الأبلج «٢» أن يطما

نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: ثم إن الله عز وجل برحمته أرسل على صحيفة قريش التي كتبوا فيها تظاهرهم على بني هاشم، الأرضه، فلم تدع فيها اسم هو لله عز وجل إلا أكلته، وبقي فيها الظلم والقطيعة والبهتان، فأخبر الله عز وجل بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبر أبا طالب، فقال أبو طالب: يا ابن أخي من حدثك هذا، وليس يدخل إلينا أحد ولا تخرج أنت إلى أحد، ولست في نفسي من أهل الكذب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني ربي هذا، فقال له عمه: إن ربك لحق، وأنا أشهد أنك صادق، فجمع أبو طالب رهطه ولم يخبرهم بما أخبره به رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية أن يفشوا ذلك الخبر فيبلغ المشركين، فيحتالوا للصحيفة الخبث والمكر، فانطلق أبو طالب برهطه حتى


(١) حقطت «ابن هشام» من ع.
(٢) الأمر الأبلح: الأمر الواضح، وطمى: غطى.

<<  <   >  >>