والوجه الثاني: كراهة أن يتعوَّد الرجل النُّطقَ بغير العربية، فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميَّزون، ولهذا كَرِه كثير من الفقهاء الدعاءَ والذكرَ بغير العربية.
واختلف الفقهاء في أذكار الصلاة؛ هل تُقال بغير العربية؟ وهي ثلاث درجات: أعلاها: القرآن، ثم: الذكر الواجب غير القرآن کالتحريمة والتسليم والتشهد عند من أوجبه، ثم: الذكر الغير واجب من دعاءٍ و تسبيح وتكبير وغير ذلك.
فالقرآن لا يُقال بغير العربية، سواء قدر عليها أو لا عند الجمهور، وهو الصواب الذي لا ريبَ فيه، بل قال غيرُ واحدٍ: يُمنع أن يترجم سورة أو ما يقوم به الإعجاز، واختلف أبو حنيفة وأصحابُه في القادر على العربية.
وأما الأذكار الواجبة؛ فاختلف من منع ترجمة القرآن؛ هل يترجمها العاجز عن العربية وعن تعليمها؟ وفيه لأصحاب أحمد وجهان؛ أشبههما بكلام أحمد: أنه لا يُتَرجم، وهو قول مالك وإسحاق.
والثاني: يُتَرجم، وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي.
وأما سائر الأذكار؛ فالمنصوص من الوجهين أنه لا يترجمها، ومتي فعلَ؛ بطلت صلاتُه، وهو قول مالك وإسحاق وبعض أصحاب الشافعي، والمنصوص عنه: أنه يُكْره بغير العربية ولا يَبطل، ومن أصحابنا من قال: له ذلك إذا لم يُحْسِن العربية.
وحكم النطق بالعجمية في العبادات؛ من الصلاة والقراءة والذكر؛