للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " ولو أن علجاً دلّ مسلماً على قلعة ... إلى آخره " (١).

١١٣٦٥ - العلج يعبر به عن الكافر الغليظ الشديد، وهو من المعالجة، ومعناها المجالدة، وسمي العلاج علاجاً لدفعه الداء، والعلج يدفع بأيْده عن نفسه، وفي الحديث: " الدعاء والبلاء يعتلجان في الهواء " (٢) أي يضطربان، ويتدافعان، فيدفع الدعاء البلاء.

وهذه المسألة نصوّرها أولاً، فنقول: إذا لجأ إلى المسلمين علجٌ من الكفار، وقال: أدلّكم على قلعة، وذكر فيها جاريةً، وشرط أن القلعة إذا فتحت، فهي له، فإذا قبلنا ذلك، والتزمنا استفراغ الطاقة والإمكان في الوفاء، فهذه المعاملة هل تصح؟ وكيف سبيلها؟ هذا تصوير المسألة.

وحكمها يستدعي تجديدَ العهد بتقديم أصول من الجِعالة، وقد نُجري فيها ما لم نُقدّم ذكره، فنقول: أولاً - لا خلاف أن عقد الجِعالة بين المسلمين لا يصح إلا على جُعل معلوم مقدرر على تسليمه، فكل ما يصح ثمناً وأجرة، وصداقاً، فهو الذي يصح أن يكون جُعلاً، فلو كان مجهولاً أو غير مقدورٍ على تسليمه أو غير مملوك للجاعل، لم يصح، حتى لو قال: إن رددت عبدي الآبق، فلك مما أصطاده كذا، ومما أحتطبه كذا، فالجعالة فاسدة، للجهالة، فإن عمل على حكم هذا العقد، لم يبطل عمله، وله أجرُ المثل؛ لأنه لم يخض في العمل على شرط التبرع به.

وإذا ثبت الجعلُ صحيحاً، وكان عيناً مملوكة، كائنة مقدوراً على تسليمها، فقال إن رددت عبدي الآبق، فلك هذا الثوبُ، جاز. والأصح أنه لا يتعلق


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٨٧.
(٢) حديث " الدعاء والبلاء يعتلجان في الهواء " رواه البزار والحاكم والطبراني من حديث عائشة.
قال الحافظ: وفي إسناده زكريا بن منظور وهو متروك. (ر. الحاكم: ١/ ٤٩٢ وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله: " زكريا مجمع على ضعفه ". الطبراني في الأوسط: ح ٢٥١٩، كشف الأستار: ٢١٦٥، التلخيص: ٤/ ٢٢١ ح ٢٢٩٤، خلاصة البدر المنير: ٢٥٨٤).