للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمسلك الثاني - أن العمل في القراض غير مضبوط، وهو مذكور [في] (١) معاملة جائزة، فكان كالجُعالة، وحكمها أن لا يثبت استحقاق الجُعل فيها إلا عند نجاز العمل، وعمل المقارَض لا ينتجز بظهور الربح.

التفريع على القولين:

٤٩٣٠ - إن قلنا: لا يملك العامل ما شرط له بالظهور، فرأس المال والربحُ بكماله ملكُ ربّ المال. وفرع الأئمةُ على هذا القول وجوبَ الزكاة عليه إذا كان المال زكاتياً، وانقضى (٢) الحول. وقد استقصيتُ تفصيلَ القول في زكاة مالِ القراض على أحسن مساقٍ في بابٍ من كتاب الزكاة.

ثم إذا فرعنا على ذلك، لم يملك رب المال أن يبطل حق العامل من القسط المشروط له، ولا خلاف في ثبوت حق العامل، وإنما الكلام في أنه ملكٌ أو حقُّ ملك.

ومهما (٣) ظهر الربح، فللمقارض أن ينكفَّ عن العمل، ويسعى في تنضيض مقدار رأس المال، حتى يأخذ حصته من الربح، هذا ثابت له، لا سبيل إلى إبطاله عليه.

ولو أتلف ربُّ المالِ المالَ كلَّه: الأصلَ، والربحَ، فيغرَم للعامل حصَّتَه من الربح وفاقاً، والسبب فيه أن الإتلاف في هذه المنازل بمثابة القبض المحسوس، وإذا استرد ربُّ المال رأسَ المال والربحَ، ملك العاملُ حصتَه من الربح، والإتلات بمثابة الاسترداد.

وكذلك نقول لو مات المقارَض بعد ظهور الربح وقبل التفاصل، فورثتُه في طلب المشروط من الربح ينزلون منزلة الموروث.

٤٩٣١ - ومما يتفرع على ذلك أن المال لو كان جارية، فلا يحل لرب المال وطؤها، وإن قلنا: إنه مالك الأصل والربح؛ فإنا لا ننكر مع ذلك ثبوتَ حق العامل في المقدار المشروط له.


(١) في الأصل: " من ".
(٢) عبارة (ي)، (هـ ٣): وقد انقضى القول فيه، واستقصيت.
(٣) ومهما: بمعنى: وإذا.