للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن أصحابنا من قال: يقع الوقوف الموقع، كالغلط إلى العاشر، ومنهم من قال: إنه لا يقع الموقعَ؛ فإن هذا النوع من الغلط بديعٌ نادر الوقوع، ووضع الشرع يقتضي الفرق بينهما. ولا شك أن هذا الذي ذكرناه فيه إذا لم يتنبهوا (١)، حتى انقضى التاسع.

٢٦٧٢ - ثم الحجيج إذا رأَوْا الشمس مُتَضَيِّفَةً للغروب، انقلبوا عن الموقف، فيوافون الانفصال - من طرف عرفةَ بعد غروب الشمس، ويوافون مزدلفة، ويؤخرون المغرب إلى العشاء، ويجمعون بينهما بمزدلفة، وتمدّ المطايا أعناقها، حتى إذا وَافَوْا مزدلفةَ باتوا بها، فإذا انتصف الليل، أخذوا في التأهب للرحيل، ثم إذا استقلّت بهم المطايا، وانتهَوْا إلى المشعر الحرام، وهو آخر مزدلفة، وقفوا، ودَعَوْا، ووقوفهم هذا سنةٌ، غيرُ مجبورة بالدم لو تركت.

ويلقاهم بعد مجاوزة المشعر [الحرام] (٢) وادي مُحسِّر (٣)، وكانت العرب تقف به، وقد أُمرنا بمخالفتهم، فلا وقوف.

وقد نؤثر تحريك الدابة قليلاً، وكان عمر إذا انتهى إلى وادي محسِّر يحرّك دابته، ويقول:

تعدو إليك قَلِقاً وَضينُها ... معترضاً في بطنها جنينُها

مخالفاً دينَ النصارى دينُها (٤)


(١) (ك): يتبينوا.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) وهو بين مزدلفة ومنى كما هو واضح من السياق، وسمي بذلك لأن فيل أبرهة كلّ فيه وأعياه (فحسّر) أصحابه بفعله، وأوقعهم في الحسرات (المصباح).
(٤) الأبيات في اللسان وعند البيهقي بتغيير في الشطر الأول هكذا: إليك تعدو قلقاً وضينها.
تعدو أي المطايا. قلقاً وضينها: كناية عن السرعة والخفة، لأن الوضين هنا بمعنى
الحزام، الذي يشد به الرحل، وقلق الحزام دليل ضمور بطن المطايا وخفتها، واستعدادها للسير. وأراد دينه لأن الناقة لا دين لها.
وفي اللسان أن الذي أنشدها هو ابن عمر، لا عمر. رضي الله عنهما، أخرجه الهروي والزمخشري. وأما الطبراني، فقد أخرجها عن سالم عن أبيه أن النبي صلى اله عليه وسلم،=