إعداد الفهارس الفنية وطباعتها، فهذا أمرٌ ضد طبيعة الأشياء في نظره (١)، وشيء لا يحتمله إلا أولو العزم الذين يستعدون للتضحية في سبيل العلم.
نداء ورجاء:
ومن هنا أنادي وأرجو الجهات والمؤسسات الرسميةَ التي تعمل في مجال الثقافة والعلم، وإحياء التراث أن تنظر في صيغةٍ ووسيلةٍ ما لدعم الناشرين، ولو كان ذلك بالإنفاق على طباعة الكتاب التراثي، في صورة قرض للناشر إلى أن تتم طباعة الكتاب، ويبدأ عرضه في الأسواق، أو بالوعد بشراء كمية مناسبة دفعة واحدة بسعرٍ مُجْزٍ تَرُدّ للناشر قدراً صالحاً من رأسماله فور ظهور الكتاب.
وأهل المال والإدارة، لا شك يعرفون من الوسائل أكثر وأفضل من هذا الذي نقول.
فإذا تم شيء من هذا، فهناك من الناشرين من هو من أهل العلم، وعندها سيرحب بالعمل على نشر الفهارس، ولن يتبرم بها.
قيمة الفهارس وفائدتها:
كتب العلم -أي فن كان من فنونه- كنزٌ مغلق، بعبارة شيوخنا، وهي (مكنز) من مكانز المعلومات بعبارة المختصين في أوعية المعلومات، والخبراء في المعلوماتية ونظم المعلومات، ومفتاح ذلك هو الفهارس.
فالفهارس العلمية بألوانها المختلفة هي التي تدلك على هذه الكنوز المخبوءة في تضاعيف هذه الكتب، "ذلك أن كتب التراث متداخلة الأسباب، متشابكة الأطراف وقلما تجد كتاباً منها مقتصراً على فنٍّ بعينه، دون الولوج إلى بعض الفنون الأخرى؛
(١) لقد ظهر كتاب (الوسيط) للغزالي في طبعة جيدة محققة متقنة، أضاف المحققان إلى حواشيها أربعة مؤلفات مخطوطة بها تعليقات واستدراكات لأربعة من الأئمة الكبار: ابن الصلاح، والنووي، والحموي، وابن أبي الدم، فأعلى ذلك من شأن هذه الطبعة، وقد قال المحققان في المقدمة: إنهما صنعا فهارس فنية للكتاب، ولكنا لم نرها مع مجلدات الكتاب السبعة، نرجو ألا يكون هذا من تبرّم الناشر بالفهارس.