ما كان من المناسب ولا اللائق أن نتكلم عن ضرورة الفهارس، وأن نبين قيمتها لولا ما رأيناه شائعاً من إهمال شأنها، وعدم الاهتمام بها في كثير من الكتب التي تصدر من المطابع الآن.
حتى فهرس المحتويات:
حتى هذا الفهرس الوحيد الذي لا ينكر أحد فائدته، ولا يماري مجنون ولا عاقل في قيمته، حتى هذا الفهرس أصابه الإهمال والمسخ، فأصبحت ترى كتباً تخرج من المطابع زاهية مذهبة، تحمل أسماء ذات ألقاب، ونجد فهرس المحتويات، قد أصابه المسخ والخسف، فاقتصر على الأبواب والفصول، فجاء لا يسمن ولا يغني من جوع، والكتاب مليء بالمسائل والقضايا، والخلافيات، والمُعْوِصات، التي تحتاج إلى ما يرشد إليها، ويدل على موضعها.
بل الأدهى من ذلك أن كُتباً تراثية صدرت من عشرات السنين، وبها فهرس مفصل للمحتويات، يكشف إلن حدٍّ بعيد عن مسائل الكتاب وفروعه، وييسّر التعامل معه والاستفادة منه، ثم صدرت منه طبعات خَلُوب تخطف الأبصار بتذهيبها وبريقها، ثم تجدها لم تحسن الاستفادة بفهرس الطبعة القديمة.
وأقرب مثالٍ لذلك كتاب (روضة الطالبين) للإمام النووي، فقد كنت أراجع فيه كثيراً من المسائل أثناء العمل في تحقيق (النهاية)، حيث تحوي الروضة أقوال إمام الحرمين في كل صفحاتها تقريباً، وقد تعذر التعامل مع الطبعة الجديدة، ولقيت العنت كله، بسبب قصور الفهرس، فعُدت إلى الطبعة القديمة، ومن عجبٍ أني وجدتها -مع