ومن فضل الله تعالى أن السحر وأهله كادا ينقرضان في هذا الزمان، ومن ادعى ذلك الان فإنما هو كاذب خادع، يضل الناس، ويسعى لكسب المال منهم بطريق النصب والاحتيال، والوهم والخديعة، والحوادث كثيرة تدل على انهم مدعون كاذبون لا يعرفون من السحر إلا اسمه، ومن علمه إلا رسمه، {ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون} . ويؤثر السحر غالباً في ضعاف النفوس كالأطفال والمرضى، والنساء، وفي ضعاف الدين، وما حدث للرسل والأنبياء كان للابتلاء والاختبار والتشريع. وأما ما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر فلم يكن له أي تأثير في عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في الوحي الذي كان يبلغه للمة، ولا في الأحكام التي كان يشرعها لقومه. وإنما هو أمر عارض للجسم كسائر الأعراض البشرية الجائزة في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فلا ينافي العصمة. وقد تدارك الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وأرسل غليه الملكين فأخبراه بمكان السحر، واسم صانعه فلم ينل منه ما قصده الساحر وكيف يحصل ها والله يقول في كتابه: {والله يعصمك من الناس} وكل هذا من باب التشريع، ولو شاء ربك ما فعلوه، لتعلم أن المؤمن المحبوب لدى ربه بصالح عمله، وجميل سعيه يدافع الله عنه ويحرسه من كيد أعدائه وشر خصومه، وإن الحسنات يذهبن السيئات، ويمحقن الآفات، وأنه صلوات الله وسلامه عليه أمام قدرة ربه عبد يبتلى فيصبر ويرضى بقضاء الله وقدره، فينجيه الله من سوء، ويحفظه من كل ضر، كما ابتلى الله الأنبياء من قبله فصبروا فنجاهم الله تعالى {وأيوب إذا نادى ربه انى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر} ، {ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له وأهله من الكرب العظيم} .